عليهم، وأخبر أنه أعطى مفاتيح خزائن الأرض، أي فتحت له البلاد كما جاء في حديث أبى هريرة المتقدم، قال أبو هريرة: فذهب رسول الله ﷺ وأنتم تفتحونها كفرا كفرا، أي بلدا بلدا، وأخبر أن أصحابه لا يشركون بعده، وهكذا وقع ولله الحمد والمنة، ولكن خاف عليهم أن ينافسوا في الدنيا، وقد وقع هذا في زمان على ومعاوية ﵄ ثم من بعدهما، وهلم جرا إلى وقتنا هذا *
ثم قال البخاري: ثنا على بن عبد الله، أنا أزهر بن سعد، أنا ابن عون، أنبأنى موسى بن أنس بن مالك عن أنس أن النبي ﷺ افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله أعلم لك علمه؟ فأتاه فوجده جالسا في بيته منكسا رأسه، فقال: ما شأنك؟ فقال: شرا كان يرفع صوته فوق صوت النبي ﷺ، فقد حبط عمله وهو من أهل النار، فأتى الرجل فأخبره أنه قال كذا وكذا، قال موسى: فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكن من أهل الجنة، تفرد به البخاري * وقد قتل ثابت بن قيس بن شماس شهيدا يوم اليمامة كما سيأتي تفصيله، وهكذا ثبت في الحديث الصحيح البشارة لعبد الله بن سلام أنه يموت على الإسلام، ويكون من أهل الجنة، وقد مات ﵁ على أكمل أحواله وأجملها، وكان الناس يشهدون له بالجنة في حياته لأخبار الصادق عنه بأنه يموت على الإسلام، وكذلك وقع * وقد ثبت في الصحيح الأخبار عن العشرة بأنهم من أهل الجنة، بل ثبت أيضا الأخبار عنه صلوات الله وسلامه عليه بأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة، وكانوا ألفا وأربعمائة، وقيل: وخمسمائة، ولم ينقل أن أحدا من هؤلاء ﵁ عاش إلا حميدا، ولا مات إلا على السداد والاستقامة والتوفيق، ولله الحمد والمنة * وهذا من أعلام النبوات، ودلالات الرسالة.
[فصل في الأخبار بغيوب ماضية ومستقبلة]
روى البيهقي من حديث إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله إن فلانا مات، فقال: لم يمت، فعاد الثانية فقال: إن فلانا مات، فقال: لم يمت، فعاد الثالثة فقال: إن فلانا نحر نفسه بمشقص عنده، فلم يصلّ عليه * ثم قال البيهقي تابعه زهير عن سماك * ومن ذلك الوجه رواه مسلم مختصرا في الصلاة * وقال أحمد: حدثنا أسود بن عامر، ثنا هريم بن سفيان عن سنان بن بشر عن قيس بن أبى حازم عن قيس بن أبى شهم قال: مرت بى جارية بالمدينة فأخذت بكشحها، قال: وأصبح الرسول ﷺ يبايع الناس، قال: فأتيته فلم يبايعني، فقال: صاحب الجبيذة؟ قال: قلت: والله لا أعود، قال: فبايعني * ورواه النسائي عن محمد بن عبد الرحمن الحربي عن