للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ فِي دَارِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَ فَقَامَ خَطِيبُ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَخَلِيفَتُهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَنَحْنُ كُنَّا أَنْصَارَ رَسُولِ اللَّهِ وَنَحْنُ أَنْصَارُ خَلِيفَتِهِ كَمَا كُنَّا أَنْصَارَهُ.

قَالَ فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: صَدَقَ قَائِلُكُمْ! أما لو قلتم على (غير) هذا لم نبايعكم، وَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ. وَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكُمْ فَبَايِعُوهُ. فَبَايَعَهُ عُمَرُ وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ قَالَ: فَصَعِدَ أَبُو بَكْرٍ الْمِنْبَرَ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ الزُّبَيْرَ. قَالَ فَدَعَا بِالزُّبَيْرِ فَجَاءَ فَقَالَ: قُلْتُ ابْنُ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَوَارِيُّهُ أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلم فَبَايَعَهُ. ثُمَّ نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ عَلِيًّا فَدَعَا بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَجَاءَ. فَقَالَ: قُلْتُ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنُهُ عَلَى ابْنَتِهِ أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: لَا تثريب يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبايعه. هذا أو معناه. وقال أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ يَقُولُ: جَاءَنِي مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فَسَأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَكَتَبْتُهُ لَهُ فِي رُقْعَةٍ وقرأته عليه، وهذا حديث يَسْوَى بَدَنَةً بَلْ يَسْوَى بَدْرَةً! وَقَدْ رَوَاهُ البيهقي عن الحاكم وأبى محمد بن حامد المقري كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصَمِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ عَنْ عَفَّانَ بْنِ سَلْمٍ عَنْ وُهَيْبٍ بِهِ وَلَكَنْ ذَكَرَ أَنَّ الصِّدِّيقَ هُوَ الْقَائِلُ لِخَطِيبِ الْأَنْصَارِ بَدَلَ عُمَرَ. وَفِيهِ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكُمْ فَبَايِعُوهُ ثُمَّ انْطَلَقُوا فَلَمَّا قَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ عَلِيًّا، فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَامَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَتَوْا بِهِ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ الزُّبَيْرِ بَعْدِ عَلِيٍّ فاللَّه أعلم. وَقَدْ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنِ الْجَرِيرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي نَضْرَةَ الْمُنْذِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ قِطْعَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سنان المنذري وَفِيهِ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ وَهِيَ مُبَايَعَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِمَّا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ أَوْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنَ الْوَفَاةِ. وَهَذَا حَقٌّ فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمْ يُفَارِقِ الصِّدِّيقَ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ فِي صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ خَلْفَهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَخَرَجَ مَعَهُ إِلَى ذِي الْقَصَّةِ لَمَّا خَرَجَ الصِّدِّيقُ شَاهِرًا سَيْفَهُ يُرِيدُ قِتَالَ أَهْلِ الرِّدَّةِ كَمَا سَنُبِيِّنُهُ قَرِيبًا، وَلَكِنْ لَمَّا حَصَلَ مِنْ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَتْبٌ عَلَى الصِّدِّيقِ بِسَبَبِ مَا كَانَتْ مُتَوَهِّمَةً مِنْ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ ميراث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَ تَعْلَمْ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. أَنَّهُ قَالَ «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ» فَحَجَبَهَا وَغَيْرَهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ وَعَمَّهُ عَنِ الْمِيرَاثِ بِهَذَا النَّصِّ الصَّرِيحِ كَمَا سَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ، فَسَأَلَتْهُ أَنْ يَنْظُرَ على فِي صَدَقَةِ الْأَرْضِ الَّتِي بِخَيْبَرَ وَفَدَكَ فَلَمْ يُجِبْهَا إِلَى ذَلِكَ. لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ فِي جَمِيعِ مَا كَانَ يَتَوَلَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ الصادق البار الراشد النابع لِلْحَقِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَحَصَلَ لَهَا- وَهِيَ امرأة من البشر ليست براجية الْعِصْمَةِ- عَتْبٌ وَتَغَضُّبٌ وَلَمْ تُكَلِّمِ الصِّدِّيقَ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>