للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل وصوله إلى القاهرة ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ﴾. وفي يوم الجمعة سادس عشرين شعبان باشر صدر الدين المالكي مشيخة الشيوخ مضافا إلى قضاء قضاة المالكية، وحضر الناس عنده، وقرئ تقليده بذلك بعد انفصال الزرعى عنها إلى مصر. وفي نصف رمضان وصل قاضى الحنفية بدمشق لقضاء القضاة عماد الدين أبى الحسن على بن أحمد بن عبد الواحد الطرسوسي، الّذي كان نائبا لقاضى القضاة صدر الدين على البصروي، فخلفه بعده بالمنصب، وقرئ تقليده بالجامع، وخلع عليه وباشر الحكم، واستناب القاضي عماد الدين ابن العز، ودرس بالنورية مع القضاء، وشكرت سيرته.

وفي رمضان قدم جماعة من الأسارى مع تجار الفرنج فأنزلوا بالمدرسة العادلية الكبيرة واستفكوا من ديوان الأسرى بنحو من ستين ألفا، وكثرت الأدعية لمن كان السبب في ذلك. وفي ثامن شوال خرج الركب الشامي إلى الحجاز وأميره سيف الدين بالبان المحمدي، وقاضيه بدر الدين محمد بن محمد قاضى حران. وفي شوال وصل تقليد قضاء الشافعية بدمشق لبدر الدين ابن قاضى القضاة ابن عز الدين بن الصائغ والخلعة معه، فامتنع من ذلك أشد الامتناع، وصمم، وألح عليه الدولة فلم يقبل وكثر بكاؤه وتغير مزاجه واغتاظ، فلما أصرّ على ذلك راجع تنكز السلطان في ذلك، فلما كان شهر ذي القعدة اشتهر تولية علاء الدين على بن إسماعيل القونوي قضاء الشام، فسار إليها من مصر وزار القدس ودخل دمشق يوم الاثنين سابع عشرين ذي القعدة، فاجتمع بنائب السلطنة ولبس الخلعة وركب مع الحجاب والدولة إلى العادلية، فقرئ تقليده بها وحكم بها على العادة، وفرح الناس به وبحسن سمته وطيب لفظه وملاحة شمائله وتودده، وولى بعده مشيخة الشيوخ بمصر مجد الدين الأقصرائي الصوفي شيخ سرياقوس.

وفي يوم السبت ثالث عشرين ذي القعدة لبس القاضي محيي الدين بن فضل الله الخلعة بكتابة السر عوضا عن ابن الشهاب محمود، واستمر ولده شرف الدين في كتابة الدست. وفي هذه السنة تولى قضاء حلب عوضا عن ابن الزملكانى القاضي فخر الدين البازرى. وفي العشر الأول من ذي الحجة كمل ترخيم الجامع الأموي أعنى حائطه الشمالي وجاء تنكز حتى نظر إليه فأعجبه ذلك، وشكر ناظره تقى الدين بن مراجل. وفي يوم الأضحى جاء سيل عظيم إلى مدينة بلبيس فهرب أهلها منها وتعطلت الصلاة والأضاحي فيها، ولم ير مثله من مدة سنين متطاولة، وخرب شيئا كثيرا من حواضرها وبساتينها ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾.

[وممن توفى فيها من الأعيان.]

[الأمير أبو يحيى]

زكريا بن أحمد بن محمد بن عبد الواحد أبى حفص الهنتانى الجيانى (١) المغربي، أمير بلاد المغرب.


(١) وفي شذرات الذهب «اللحياني».

<<  <  ج: ص:  >  >>