إقطاعا حسنا، وأكرمه من أجل أخيه أسد الدين، فإنه كانت له اليد الطولى في فتح دمشق، وجعل الأمير شمس الدولة بوران شاه بن نجم الدين شحنة دمشق، ثم من بعده جعل أخاه صلاح الدين يوسف هو الشحنة، وجعله من خواصه لا يفارقه حضرا ولا سفرا، لأنه كان حسن الشكل حسن اللعب بالكرة، وكان نور الدين يحب لعب الكرة لتدمين الخيل وتعليمها الكر والفر، وفي شحنة صلاح الدين يوسف يقول عرقلة [وهو حسان بن نمير الكلبي] الشاعر:
رويدكم يا لصوص الشام … فانى لكم ناصح في مقالي
فإياكم وسمى النبي يوسف … رب الحجا والكمال
فذاك مقطع أيدي النسا … وهذا مقطع أيدي الرجال
وقد ملك أخاه بوران شاه بلاد اليمن فيما بعد ذلك، وكان يلقب شمس الدولة.
[وممن توفى فيها من الأعيان.]
[محمد بن ناصر]
ابن محمد بن على الحافظ، أبو الفضل البغدادي. ولد ليلة النصف من شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة، وسمع الكثير، وتفرد بمشايخ، وكان حافظا ضابطا مكثرا من السنة كثير الذكر، سريع الدمعة. وقد تخرج به جماعة منهم أبو الفرج ابن الجوزي، سمع بقراءته مسند أحمد وغيره من الكتب الكبار، وكان يثنى عليه كثيرا، وقد رد على أبى سعد السمعاني في قوله: محمد بن ناصر يحب أن يقع في الناس. قال ابن الجوزي: والكلام في الناس بالجرح والتعديل ليس من هذا القبيل، وإنما ابن السمعاني يحب أن يتعصب على أصحاب الامام أحمد، نعوذ بالله من سوء القصد والتعصب.
توفى محمد بن ناصر ليلة الثلاثاء الثامن عشر من شعبان منها، عن ثلاث وثمانين سنة، وصلى عليه مرات، ودفن بباب حرب.
[مجلى بن جميع أبو المعالي]
المخزومي الأرسوفي ثم المصري قاضيها، الفقيه الشافعيّ، مصنف الذخائر وفيها غرائب كثيرة وهي من الكتب المفيدة.
[ثم دخلت سنة إحدى وخمسين وخمسمائة]
في المحرم دخل السلطان سليمان شاه بن محمد بن ملك شاه إلى بغداد وعلى رأسه الشمسية، فتلقاه الوزير ابن هبيرة وأدخله على الخليفة، فقبل الأرض وحلفه على الطاعة وصفاء النية والمناصحة والمودة، وخلع عليه خلع الملوك، وتقرر أن للخليفة العراق ولسليمان شاه ما يفتحه من خراسان، ثم خطب له ببغداد بعد الملك سنجر، ثم خرج منها في ربيع الأول فاقتتل هو والسلطان محمد بن محمود بن ملك شاه، فهزمه محمد وهزم عسكره، فذهب مهزوما فتلقاه نائب قطب الدين مودود بن زنكي، صاحب الموصل، فأسره وحبسه بقلعة الموصل، وأكرمه مدة حبسه وخدمه، وهذا من أغرب