لعنه الله، وأشياء أخر من التنقيص بالأنبياء ومخالطته أرباب الريب من الباجريقية وغيرهم من الاتحادية عليهم لعائن الله، ووقع منه في المجلس من إساءة الأدب على القاضي الحنبلي وتضمن ذلك تكفيره من المالكية أيضا، فادعى أن له دوافع وقوادح في بعض الشهود، فرد إلى السجن مقيدا مغلولا مقبوحا، أمكن الله منه بقوته وتأييده، ثم لما كان يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي القعدة أحضر عثمان الدكاكى المذكور إلى دار السعادة وأقيم إلى بين يدي الأمراء والقضاة وسئل عن القوادح في الشهود فعجز فلم يقدر، وعجز عن ذلك فتوجه عليه الحكم، فسئل القاضي المالكي الحكم عليه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم حكم بإراقة دمه وإن تاب، فأخذ المذكور فضربت رقبته بدمشق بسوق الخيل، ونودي عليه: هذا جزاء من يكون على مذهب الاتحادية، وكان يوما مشهودا بدار السعادة، حضر خلق من الأعيان والمشايخ، وحضر شيخنا جمال الدين المزي الحافظ، وشيخنا الحافظ شمس الدين الذهبي، وتكلما وحرضا في القضية جدا، وشهدا بزندقة المذكور بالاستفاضة، وكذا الشيخ زين الدين أخو الشيخ تقى الدين بن تيمية، وخرج القضاة الثلاثة المالكي والحنفي والحنبلي، وهم نفذوا حكمه في المجلس فحضروا قتل المذكور وكنت مباشرا لجميع ذلك من أوله إلى آخره.
وفي يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذي القعدة أفرج عن الأميرين العقيلين بالقلعة وهما طنبغا حجا والجى بغا، وكذلك أفرج عن خزاندارية تنكز الذين تأخروا بالقلعة، وفرح الناس بذلك.
[ذكر وفاة الملك الناصر محمد بن قلاوون]
في صبيحة يوم الأربعاء السابع والعشرين من ذي الحجة قدم إلى دمشق الأمير سيف الدين قطلوبغا الفخرى فخرج نائب السلطنة وعامة الأمراء لتلقيه، وكان قدومه على خيل البريد، فأخبر بوفاة السلطان الملك الناصر، كانت وفاته يوم الأربعاء آخره. وأنه صلى عليه ليلة الجمعة بعد العشاء ودفن مع أبيه الملك المنصور على ولده أنوك، وكان قبل موته أخذ العهد لابنه سيف الدين أبى بكر ولقبه بالملك المنصور، فلما دفن السلطان ليلة الجمعة حضره من الأمراء قليل، وكان قد ولى عليه الأمير علم الدين الجاولي، ورجل آخر منسوب إلى الصلاح يقال له الشيخ عمر بن محمد بن إبراهيم الجعبريّ، وشخص آخر من الجبابرية، ودفن كما ذكرنا، ولم يحضر ولده ولى عهده دفنه، ولم يخرج من القلعة ليلتئذ عن مشورة الأمراء لئلا يتخبط الناس، وصلى عليه القاضي عز الدين بن جماعة إماما، والجاولي وايدغمش وأمير آخر والقاضي بهاء الدين بن حامد بن قاضى دمشق السبكى، وجلس الملك المنصور سيف الدنيا والدين أبو المعالي أبو بكر على سرير المملكة.
وفي صبيحة يوم الخميس الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، بايعه