ثُمَّ يَخْرُجُونَ عَنْهُ حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهِ رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِهِ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ النَّاسُ بَعْدَهُمْ فُرَادَى. الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ كَمَا قَدَّمْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُدْخِلَ الرِّجَالُ فَصَلَّوْا عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِمَامٍ أَرْسَالًا حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ أُدْخِلَ النِّسَاءُ فَصَلَّيْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُدْخِلَ الصِّبْيَانُ فَصَلَّوْا عَلَيْهِ، ثُمَّ أُدْخِلَ العبيد فصلوا عليه أرسالا، لم يأمهم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحد.
وقال الواقدي حدثني أبى بن عياش بْنِ سَهْلِ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. قَالَ: لَمَّا أُدْرِجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَكْفَانِهِ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، ثُمَّ وُضِعَ عَلَى شَفِيرِ حُفْرَتِهِ، ثُمَّ كَانَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ رُفَقَاءَ رُفَقَاءَ لَا يؤمهم عليه أَحَدٌ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ وَجَدْتُ كِتَابًا بِخَطِّ أَبِي فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَمَعَهُمَا نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْبَيْتُ. فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ كَمَا سَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ثُمَّ صُفُّوا صُفُوفًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ- وَهُمَا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ حِيَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّهمّ إِنَّا نَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أَعَزَّ اللَّهُ دِينَهُ وَتَمَّتْ كَلِمَتُهُ، وَأُومِنَ بِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَاجْعَلْنَا إِلَهَنَا مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْقَوْلَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، وَاجْمَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حَتَّى تُعَرِّفَهُ بِنَا وَتُعَرِّفَنَا بِهِ فَإِنَّهُ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رءوفا رحيما، لا نبتغى بالايمان به بديلا وَلَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا أَبَدًا، فَيَقُولُ النَّاسُ: آمِينَ آمِينَ وَيَخْرُجُونَ وَيَدْخُلُ آخَرُونَ حَتَّى صَلَّى الرِّجَالُ، ثُمَّ النِّسَاءُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ. وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ إِلَى مِثْلِهِ مِنْ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ، وَقِيلَ إِنَّهُمْ مَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ قَرِيبًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَذَا الصَّنِيعُ، وَهُوَ صَلَاتُهُمْ عَلَيْهِ فُرَادَى لَمْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ عَلَيْهِ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِهِ. فَلَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَكَانَ نَصًّا فِي ذَلِكَ وَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّعَبُّدِ الَّذِي يَعْسُرُ تَعَقُّلِ [١] مَعْنَاهُ. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يقول لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِمَامٌ لِأَنَّا قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ إِنَّمَا شَرَعُوا فِي تَجْهِيزِهِ عَلَيْهِ السلام بَعْدَ تَمَامِ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا لَمْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ لِيُبَاشِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مِنْهُ إِلَيْهِ، وَلِتُكَرَّرَ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ مِنْ كُلِّ فرد فرد من آحاد الصحابة رجالهم ونساءهم وَصِبْيَانُهُمْ حَتَّى الْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ.
وَأَمَّا السُّهَيْلِيُّ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ المؤمنين أَنْ يُبَاشِرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مِنْهُ إِلَيْهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، قَالَ وأيضا: فان
[١] كذا في الأصل. وفي التيمورية: الّذي نعقل معناه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute