للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الله ﷿، ومن أكرم العباد على الله ﷿، ومن أكرم الإماء على الله ﷿، وعن أربعة فيهم الروح فلم يركضوا في رحم، وعن قبر سار بصاحبه، وعن مكان في الأرض لم تطلع فيه الشمس إلا مرة واحدة، وعن قوس قزح ما هو؟ وعن المجرة. فبعث معاوية فسأل ابن عباس عنهن فكتب ابن عباس إليه: أما أحب الكلام إلى الله فسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأكرم العباد على الله آدم، خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء. وأكرم الإماء على الله مريم بنت عمران، وأما الأربعة اللذين لم يركضوا في رحم فآدم وحواء وعصى موسى، وكبش إبراهيم الّذي فدى به إسماعيل. وفي رواية وناقة صالح، وأما القبر الّذي سار بصاحبه فهو حوت يونس، وأما المكان الّذي لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة فهو البحر لما انفلق لموسى حتى جاز بنو إسرائيل فيه، وأما قوس قزح فامان لأهل الأرض من الغرق، والمجرة باب في السماء، وفي رواية الّذي ينشق منه. فلما قرأ ملك الروم ذلك أعجبه وقال: والله ما هي من عند معاوية ولا من قوله، وإنما هي من عند أهل النبي ، وقد ورد في هذه الأسئلة روايات كثيرة فيها وفي بعضها نظر والله أعلم.

[فصل]

تولى ابن عباس إمامة الحج سنة خمس وثلاثين بأمر عثمان بن عفان له وهو محصور، وفي غيبته هذه قتل عثمان، وحضر ابن عباس مع على الجمل، وكان على الميسرة يوم صفين، وشهد قتال الخوارج وتأمر على البصرة من جهة على، وكان إذا خرج منها يستخلف أبا الأسود الدؤلي على الصلاة، وزياد بن أبى سفيان على الخراج، وكان أهل البصرة مغبوطين به، يفقههم ويعلم جاهلهم، ويعظ مجرمهم، ويعطى فقيرهم، فلم يزل عليها حتى مات على، ويقال إن عليا عزله عنها قبل موته، ثم وفد على معاوية. فأكرمه وقربه واحترمه وعظمه، وكان يلقى عليه المسائل المعضلة فيجيب عنها سريعا، فكان معاوية يقول: ما رأيت أحدا أحضر جوابا منه، ولما جاء الكتاب بموت الحسن بن على اتفق كون ابن عباس عند معاوية فعزاه فيه بأحسن تعزية، ورد عليه ابن عباس ردا حسنا كما قدمنا، وبعث معاوية ابنه يزيد فجلس بين يدي ابن عباس وعزاه بعبارة فصيحة وجيزة، شكره عليها ابن عباس، ولما مات معاوية ورام الحسين الخروج إلى العراق نهاه ابن عباس أشد النهى، وأراد ابن عباس أن يتعلق بثياب الحسين - لأن ابن عباس كان قد أضر في آخر عمره - فلم يقيل منه، فلما بلغه موته حزن عليه حزنا شديدا ولزم بيته، وكان يقول: يا لسان قل خيرا تغنم، واسكت عن شر تسلم، فإنك إن لا تفعل تندم. وجاء إليه رجل يقال له جندب فقال له: أوصني، فقال: أوصيك

<<  <  ج: ص:  >  >>