وطيئ، فعرضوا أنفسهم عليه فقال: فيمن مَعِي كِفَايَةٌ، وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُقَالُ لَهُ عَامِرُ بْنُ مَطَرٍ الشَيْبَانِيُّ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا وَرَاءَكَ؟ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: إِنْ أَرَدْتَ الصُّلْحَ فَأَبُو مُوسَى صَاحِبُهُ، وَإِنْ أَرَدْتَ الْقِتَالَ فَلَيْسَ بِصَاحِبِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ مَا أُرِيدُ إِلَّا الصُّلْحَ مِمَّنْ تَمَرَّدَ عَلَيْنَا. وَسَارَ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنَ الْكُوفَةِ وَجَاءَهُ الْخَبَرُ بِمَا وَقَعَ مِنَ الأمر على جليته، من قتل وَمِنْ إِخْرَاجِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ مِنَ الْبَصْرَةِ، وَأَخْذِهِمْ أَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ، جَعَلَ يَقُولُ: اللَّهمّ عَافِنِي مِمَّا ابْتَلَيْتَ بِهِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى ذِي قَارٍ أَتَاهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ مُهَشَّمًا، وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ شَعْرَةٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعَثْتَنِي إِلَى الْبَصْرَةِ وَأَنَا ذو لحية، وقد جئتك أمردا، فقال: أصبت خيرا وأجرا. وَقَالَ عَنْ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ: اللَّهمّ احْلُلْ مَا عَقَدَا، وَلَا تُبْرِمْ مَا أَحْكَمَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَأَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِيمَا قَدْ عَمِلَا- يَعْنِي فِي هَذَا الْأَمْرِ- وَأَقَامَ عَلِيٌّ بِذِي قَارٍ يَنْتَظِرُ جَوَابَ مَا كَتَبَ بِهِ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَصَاحِبِهِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ- وَكَانَا قَدْ قَدِمَا بِكِتَابِهِ عَلَى أَبِي مُوسَى وَقَامَا فِي النَّاسِ بِأَمْرِهِ- فَلَمْ يُجَابَا فِي شَيْءٍ، فلما أمسوا دخل أناس من ذوى الحجى عَلَى أَبِي مُوسَى يَعْرِضُونَ عَلَيْهِ الطَّاعَةَ لِعَلِيٍّ، فَقَالَ: كَانَ هَذَا بِالْأَمْسِ فَغَضِبَ مُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدٌ فَقَالَا لَهُ قَوْلًا غَلِيظًا: فَقَالَ لَهُمَا: وَاللَّهِ إِنَّ بَيْعَةَ عُثْمَانَ لَفِي عُنُقِي وَعُنُقِ صَاحِبِكُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ قِتَالٍ فَلَا نُقَاتِلُ أَحَدًا حَتَّى نَفْرَغَ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ حَيْثُ كَانُوا وَمَنْ كَانُوا، فَانْطَلَقَا إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ، وَهُوَ بِذِي قَارٍ، فَقَالَ لِلْأَشْتَرِ: أنت صاحب أبى موسى والمعرض فِي كُلِّ شَيْءٍ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَأَصْلِحْ مَا أَفْسَدْتَ، فَخَرَجَا فَقَدِمَا الْكُوفَةَ وَكَلَّمَا أبا موسى واستعانا عليه بنفر من الْكُوفَةِ فَقَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ صَحِبُوهُ أَعْلَمُ باللَّه وَرَسُولِهِ مِمَّنْ لَمْ يصحبه، وإن لكم يكن عَلَيْنَا حَقًّا وَأَنَا مُؤَدٍّ إِلَيْكُمْ نَصِيحَةً، كَانَ الرَّأْيُ أَنْ لَا تَسْتَخِفُّوا بِسُلْطَانِ اللَّهِ وَأَنْ لا تجترءوا عَلَى أَمْرِهِ، وَهَذِهِ فِتْنَةٌ النَّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْيَقْظَانِ، وَالْيَقِظَانُ خَيْرٌ مِنَ الْقَاعِدِ، وَالْقَاعِدُ خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الرَّاكِبِ، وَالرَّاكِبُ خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي فَاغْمِدُوا السُّيُوفَ وَأَنْصِلُوا الْأَسِنَّةَ، وَاقْطَعُوا الْأَوْتَارَ، وَآوُوا الْمُضْطَهَدَ وَالْمَظْلُومَ حَتَّى يَلْتَئِمَ هَذَا الْأَمْرُ، وَتَنْجَلِيَ هَذِهِ الْفِتْنَةُ، فَرَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْأَشْتَرُ إِلَى عَلِيٍّ فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ، فَأَرْسَلَ الْحَسَنَ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، وَقَالَ لِعَمَّارٍ: انْطَلِقْ فَأَصْلِحْ مَا أَفْسَدْتَ، فَانْطَلَقَا حَتَّى دَخَلَا الْمَسْجِدَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمَا مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ، فَقَالَ لِعَمَّارٍ: عَلَامَ قَتَلْتُمْ عُثْمَانَ؟ فَقَالَ: عَلَى شَتْمِ أَعْرَاضِنَا وَضَرْبِ أَبْشَارِنَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا عَاقَبْتُمْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ، وَلَوْ صَبَرْتُمْ لَكَانَ خَيْرًا لِلصَّابِرِينَ. قَالَ: وَخَرَجَ أَبُو مُوسَى فِلَقِيَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ لِعَمَّارٍ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ أَعَدَوْتَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ قَتَلْتَهُ؟ فَقَالَ: لَمْ أَفْعَلْ، وَلَمْ يَسُؤْنِي ذَلِكَ، فَقَطَعَ عَلَيْهِمَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ لِأَبِي مُوسَى، لِمَ تُثَبِّطُ الناس عنا؟ فو الله مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْإِصْلَاحَ، وَلَا مِثْلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يُخَافُ عَلَى شَيْءٍ، فَقَالَ: صَدَقْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute