للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض لا تقبله، قال أنس: فحدثني أبو طلحة أنه أتى الأرض التي مات فيها ذلك الرجل فوجده منبوذا، فقال أبو طلحة: ما شأن هذا الرجل؟ قالوا: قد دفناه مرارا فلم تقبله الأرض * وهذا على شرط الشيخين ولم يخرجوه.

[طريق أخرى عن أنس]

وقال البخاري: ثنا أبو معمر، ثنا عبد الرزاق، ثنا عبد العزيز عن أنس بن مالك قال: كان رجل نصراني فأسلّم وقرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنّبيّ فعاد نصرانيا، وكان يقول:

لا يدرى محمد إلا ما كتبت له، فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه - لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه -، فحفروا له فأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبحوا وقد لفظته الأرض، فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه *

[باب]

[المسائل التي سئل عنها رسول الله فأجاب عنها بما يطابق الحق الموافق لما يشهد به الكتب المتقدمة الموروثة عن الأنبياء قبله]

قد ذكرنا في أول البعثة ما تعنتت به قريش وبعثت إلى يهود المدينة يسألونهم عن أشياء يسألون عنها رسول الله ، فقالوا: سلوه عن الروح، وعن أقوام ذهبوا في الدهر فلا يدرى ما صنعوا، وعن رجل طواف في الأرض بلغ المشارق والمغارب، فلما رجعوا سألوا عن ذلك رسول الله ، فأنزل الله ﷿ قوله تعالى: ﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً﴾ وأنزل سورة الكهف يشرح فيها خبر الفتية الذين فارقوا دين قومهم وآمنوا بالله العزيز الحميد، وأفردوه بالعبادة، واعتزلوا قومهم، ونزلوا غارا وهو الكهف، فناموا فيه، ثم أيقظهم الله بعد ثلاثمائة سنة وتسع سنين، وكان من أمرهم ما قصّ الله علينا في كتابه العزيز، ثم قصّ خبر الرجلين المؤمن والكافر، وما كان من أمرهما، ثم ذكر خبر موسى والخضر وما جرى لهما من الحكم والمواعظ، ثم قال: ﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً﴾، ثم شرح، ثم ذكر خبره وما وصل إليه من المشارق والمغارب، وما عمل من المصالح في العالم، وهذا الإخبار هو الواقع في الواقع، وإنما يوافقه من الكتب التي بأيدي أهل الكتاب، ما كان منها حقا، وأما ما كان محرفا مبدلا فذاك مردود، فان الله بعث محمدا بالحق وأنزل عليه الكتاب ليبين للناس ما اختلفوا فيه من الأخبار والأحكام، قال الله تعالى بعد ذكر التوراة والإنجيل: ﴿وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ وذكرنا في أول الهجرة قصة إسلام عبد الله بن سلام، وأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>