ثعلبة بن يزيد قال: قال على: والّذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه، للحيته من رأسه، فما يحبس أشقاها، فقال عبد الله بن سبيع: والله يا أمير المؤمنين لو أن رجلا فعل ذلك لأثرنا عشيرته، فقال: أنشدك بالله أن لا تقتل بى غير قاتلي، قالوا يا أمير المؤمنين ألا تستخلف؟ قال:
ولكن أترككم كما ترككم رسول الله ﷺ، قالوا: فما تقول لربك إذا تركتنا هملا؟ قال: أقول:
اللهمّ استخلفتنى فيهم ما بدا لك، ثم قبضتني وتركتك فيهم، فأن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم * وهكذا روى البيهقي هذا، وهو موقوف، وفيه غرابة من حيث اللفظ ومن حيث المعنى، ثم المشهور عن على أنه لما طعنه عبد الرحمن بن ملجم الخارجي وهو خارج لصلاة الصبح عند السدة، فبقي على يومين من طعنته، وحبس ابن ملجم، وأوصى على إلى ابنه الحسن بن على كما سيأتي بيانه وأمره أن يركب في الجنود وقال له: لا يجر على كما تجر الجارية، فلما مات قتل عبد الرحمن بن ملجم قودا، وقيل: حدا، والله أعلم، ثم ركب الحسن بن على في الجنود وسار إلى معاوية كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
[ذكر إخباره ﷺ بذلك وسيادة ولده الحسن بن على]
في تركه الأمر من بعده وإعطائه ذلك الأمر معاوية وتقليده إياه ما كان يتولاه ويقوم بأعبائه
قال البخاري في دلائل النبوة: حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا يحيى بن آدم، ثنا حسين الجعفي عن أبى موسى عن الحسن عن أبى بكرة قال: أخرج النبي ﷺ ذات يوم الحسن بن على فصعد به على المنبر فقال: إن ابني هذا سيد: ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين *
وقال في كتاب الصلح: حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا سفيان عن أبى موسى قال: سمعت الحسن يقول: استقبل والله الحسن بن على معاوية بن أبى سفيان بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولى حتى تقتل أقرانها، فقال له معاوية، فكان والله خير الرجلين: أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، من لي بأمور الناس؟ من لي بنسائهم؟ من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بنى عبد شمس، عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر بن كريز، فقال:
اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا. له واطلبا إليه، فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له، وطلبا إليه، فقال لهما الحسن بن على: إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها، قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسألك، قال: فمن لي بهذا؟ قالا:
نحن لك به، فما سألهما شيئا إلا قالا: نحن لك به، فصالحه، فقال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول:
رأيت رسول الله ﷺ على المنبر والحسن بن على إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى، ويقول: إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين * وقال البخاري: