للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر سبب قصد أبرهة بالفيل مكة ليخرب الكعبة فأهلكه الله عاجلا غير آجل كما قال الله تعالى]

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ قيل أول من ذلل الفيلة أفريدون بن أثفيان الّذي قتل الضحاك قاله الطبري وهو أول من اتخذ للخيل السرج. وأما أول من سخر الخيل وركبها فطهمورث وهو الملك الثالث من ملوك الدنيا ويقال إن أول من ركبها إسماعيل بن إبراهيم ويحتمل أنه أول من ركبها من العرب والله تعالى أعلم ويقال إن الفيل مع عظمة خلقه يفرق من الهر. وقد احتال بعض أمراء الحروب في قتال الهنود بإحضار سنانير الى حومة الوغى فنفرت الفيلة قال ابن إسحاق ثم إن أبرهة بنى القليس بصنعاء كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض وكتب الى النجاشي إني قد بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ولست بمنته حتى أصرف اليها حج العرب فذكر السهيليّ أن أبرهة استذل أهل اليمن في بناء هذه الكنيسة الخسيسة وسخرهم فيها أنواعا من السخر. وكان من تأخر عن العمل حتى تطلع الشمس يقطع يده لا محالة. وجعل ينقل اليها من قصر بلقيس رخاما وأحجارا وأمتعة عظيمة وركب فيها صلبانا من ذهب وفضة. وجعل فيها منابر من عاج وابنوس وجعل ارتفاعها عظيما جدا واتساعها باهرا فلما هلك بعد ذلك أبرهة وتفرقت الحبشة كان من يتعرض لاخذ شيء من بنائها وأمتعتها اصابته الجن بسوء. وذلك لأنها كانت مبنية على اسم صنمين - كعيب وامرأته - وكان طول كل منهما ستون ذراعا. فتركها أهل اليمن على حالها. فلم تزل كذلك الى زمن السفاح أول خلفاء بنى العباس فبعث إليها جماعة من أهل العزم والحزم والعلم فنقضوها حجرا حجرا ودرست آثارها إلى يومنا هذا قال ابن إسحاق فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة الى النجاشي غضب رجل من النسأة من كنانة الذين ينسئون شهر الحرام الى الحل بمكة أيام الموسم كما قررنا ذلك عند قوله ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ الآية) قال ابن إسحاق فخرج الكناني حتى أتى القليس فقعد فيه أي أحدث حيث لا يراه أحد ثم خرج فلحق بأرضه فأخبر أبرهة بذلك. فقال من صنع هذا. فقيل له صنعه رجل من أهل هذا البيت الّذي تحجه العرب بمكة لما سمع بقولك أنك تريد أن تصرف حج العرب إلى بيتك هذا فغضب فجاء فقعد فيها أي أنه ليس لذلك بأهل. فغضب أبرهة عند ذلك وحلف ليسيرن الى البيت حتى يهدمه. ثم أمر الحبشة

<<  <  ج: ص:  >  >>