للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتهيأت وتجهزت. ثم سار وخرج معه بالفيل وسمعت بذلك العرب فاعظموه وفظعوا به ورأوا جهاده حقا عليهم حين سمعوا بانه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام. فخرج إليه رجل كان من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر. فدعا قومه ومن اجابه من سائر العرب الى حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله الحرام وما يريده من هدمه وإخرابه. فأجابه من أجابه الى ذلك. ثم عرض له فقاتله. فهزم ذو نفر وأصحابه وأخذ له ذو نفر فأتى به أسيرا. فلما أراد قتله قال له ذو نفر يا أيها الملك لا تقتلني فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من القتل. فتركه من القتل وحبسه عنده في وثاق وكان أبرهة رجلا حليما ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعميّ في قبيلتي خثعم وهما شهران وناهس ومن تبعه من قبائل العرب فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ له نفيل أسيرا فأتى به فلما هم بقتله قال له نفيل أيها الملك لا تقتلني فأنى دليلك بأرض العرب وهاتان يداي لك على قبيلتي خثعم - شهران وناهس - بالسمع والطاعة. فخلى سبيله وخرج به معه يدله. حتى إذا مر بالطائف خرج اليه مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف في رجال ثقيف فقالوا له أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ليس عندنا لك خلاف. وليس بيتنا هذا البيت الّذي تريد - يعنون اللات - إنما تريد البيت الّذي بمكة ونحن نبعث معك من يدلك عليه فتجاوز عنهم قال ابن إسحاق واللات بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة. قال فبعثوا معه أبارعال يدله على الطريق الى مكة فخرج أبرهة ومعه ابو رغال حتى أنزله بالمغمس. فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك فرجمت قبره العرب فهو القبر الّذي يرجم الناس بالمغمس وقد تقدم في قصة ثمود أن أبا رغال كان رجلا منهم وكان يمتنع بالحرم فلما خرج منه أصابه حجر فقتله

وان رسول الله قال لأصحابه «وآية ذلك أنه دفن معه غصنان من ذهب» فحفروا فوجدوهما قال وهو أبو ثقيف قلت والجمع بين هذا وبين ما ذكر ابن إسحاق أن أبارغال هذا المتأخر وافق اسمه اسم جده الأعلى ورجمه الناس كما رجموا قبر الأول أيضا والله أعلم. وقد قال جرير:

إذا مات الفرزدق فارجموه … كرجمكم لقبر أبى رغال

الظاهر أنه الثاني قال ابن إسحاق فلما نزل أبرهة بالمغمس بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مفصود على خيل له حتى انتهى الى مكة. فساق اليه أموال تهامة من قريش وغيرهم. وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب ابن هاشم - وهو يومئذ كبير قريش وسيدها - فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بذلك الحرم بقتاله.

ثم عرفوا أنه لا طاقة لهم به فتركوا ذلك. وبعث أبرهة حناطة الحميري الى مكة وقال له سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفهم، ثم قل له ان الملك يقول إني لم آت لحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت فان لم تعرضوا

<<  <  ج: ص:  >  >>