واستوزر أنوشروان بن خالد بعد تمنع. وفيها ملك دمشق شمس الملوك إسماعيل بن بورى بن طغتكين بعد وفاة أبيه، واستوزر يوسف بن فيروز، وكان خيرا، ملك بلادا كثيرة، وأطاعه إخوته
[وممن توفى فيها من الأعيان.]
[أحمد بن عبيد الله]
ابن محمد بن عبيد الله بن محمد بن أحمد بن حمدان بن عمر بن عيسى بن إبراهيم بن غثنة بن يزيد السلمي، ويعرف بابن كادش العكبريّ، أبو العز البغدادي، سمع الحديث الكثير، وكان يفهمه ويرويه وهو آخر من روى عن الماوردي، وقد أثنى عليه غير واحد، منهم أبو محمد بن الخشاب، وكان محمد بن ناصر يتهمه ويرميه بأنه اعترف بوضع حديث فالله أعلم. وقال عبد الوهاب الأنماطي كان مخلطا، توفى في جمادى الأولى منها.
[محمد بن محمد بن الحسين]
ابن القاضي أبى يعلى بن الفراء الحنبلي، ولد في شعبان سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، سمع أباه وغيره، وتفقه وناظر وأفتى ودرس، وكان له بيت فيه مال فعدى عليه من الليل فقتل وأخذ ماله، ثم أظهر الله ﷿ على قاتله فقتلوه.
[ثم دخلت سنة سبع وعشرين وخمسمائة]
في صفر منها دخل السلطان مسعود إلى بغداد فخطب له بها وخلع عليه الخليفة وولاه السلطنة ونثر الدنانير والدراهم على الناس، وخلع على السلطان داود بن محمود. وفيها جمع دبيس جمعا كثيرا بواسط، فأرسل إليه السلطان جيشا فكسروه وفرقوا شمله، ثم إن الخليفة عزم على الخروج إلى الموصل ليأخذها من زنكي، فعرض عليه زنكي من الأموال والتحف شيئا كثيرا ليرجع عنه فلم يقبل، ثم بلغه أن السلطان مسعود قد اصطلح مع دبيس وخلع عليه، فكر راجعا سريعا إلى بغداد سالما معظما. وفيها مات ابن الزاغونى أحد أئمة الحنابلة، فطلب حلقته ابن الجوزي، وكان شابا، فحصلت لغيره، ولكن أذن له الوزير أنوشروان في الوعظ، فتكلم في هذه السنة على الناس في أماكن متعددة من بغداد، وكثرت مجالسه وازدحم عليه الناس. وفيها ملك شمس الملوك إسماعيل صاحب دمشق مدينة حماه، وكانت بيد زنكي. وفي ذي الحجة نهب التركمان مدينة طرابلس وخرج إليهم القومص لعنه الله الفرنجى فهزموه وقتلوا خلقا من أصحابه، وحاصروه فيها مدة طويلة، حتى طال الحصار، فانصرفوا. وفيها تولى قاسم بن أبى فليتة مكة بعد أبيه. وفيها قتل شمس الملوك أخاه سونج، وفيها اشترى الباطنية قلعة حصن القدموس بالشام فسكنوها وحاربوا من جاورهم من المسلمين والفرنج.
وفيها اقتتلت الفرنج فيما بينهم قتالا شديدا فمحق الله بسبب ذلك خلقا كثيرا، وغزاهم فيها عماد الدين زنكي فقتل منهم ألف قتيل، وغنم أموالا جزيلة، ويقال لها غزوة أسوار. وحج بالناس فيها قطز الخادم وكذا في التي بعدها وقبلها.