للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاجتنبوه وأمر اختلف عليكم فيه فردوا علمه إلى الله ﷿. وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن رجل عن عكرمة قال قال عيسى (لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنزير فان الخنزير لا يصنع باللؤلؤ شيئا ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها فان الحكمة خير من اللؤلؤ ومن لا يريدها شر من الخنزير). وكذا حكى وهب وغيره عنه وعنه أنه قال لأصحابه (أنتم ملح الأرض فإذا فسدتم فلا دواء لكم وان فيكم خصلتين من الجهل الضحك من غير عجب والصبحة من غير سهر) وعنه أنه قيل له من أشد الناس فتنة قال زلة العالم فان العالم إذا زل يزل بزلته عالم كثير. وعنه أنه قال (يا علماء السوء جعلتم الدنيا على رءوسكم والاخرة تحت أقدامكم قولكم شفاء وعملكم دواء مثلكم مثل شجرة الدفلي تعجب من رآها وتقتل من أكلها) وقال وهب قال عيسى (يا علماء السوء جلستم على أبواب الجنة فلا تدخلوها ولا تدعون المساكين يدخلونها إن شر الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه. وقال مكحول (التقى يحبى وعيسى فصافحه عيسى وهو يضحك فقال له يحيى يا ابن خالة ما لي أراك ضاحكا كأنك قد أمنت) فقال له عيسى (ما لي أراك عابسا كأنك قد يئست) فأوحى الله اليهما (ان أحبكما الى أبشكما بصاحبه) وقال وهب بن منبه وقف عيسى هو وأصحابه على قبر وصاحبه يدلى فيه فجعلوا يذكرون القبر وضيقته فقال (قد كنتم فيما هو أضيق منه من أرحام أمهاتكم فإذا أحبّ الله أن يوسع وسع) وقال أبو عمر الضرير بلغني أن عيسى كان إذا ذكر الموت يقطر جلده دما. والآثار في مثل هذا كثيرة جدا. وقد أورد الحافظ بن عساكر منها طرفا صالحا اقتصرنا منها على هذا القدر والله الموفق للصواب *

[ذكر رفع عيسى الى السماء]

في حفظ الرب وبيان كذب اليهود والنصارى في دعوى الصلب قال الله تعالى ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ * إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اِتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ وقال تعالى ﴿فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً * وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً * وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اِتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً * وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً﴾ فأخبر تعالى أنه رفعه الى السماء بعد ما توفاه بالنوم على الصحيح المقطوع به وخلصه ممن كان أراد أذيته من اليهود الذين وشوا به الى بعض الملوك الكفرة في ذلك الزمان *

<<  <  ج: ص:  >  >>