للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنصور ودفن في مقابر بنى هاشم [ويقال إنه أصابته دعوة عمر بن شداد الّذي قتله تلك القتلة، فليتق العبد الظلم] (١) وحج بالناس العباس بن محمد أخو المنصور. ونواب البلاد هم المذكورون في التي قبلها. وعلى فارس والأهواز وكور دجلة عمارة بن حمزة، وعلى كرمان والسند هشام بن عمرو. وفيها توفى حمزة الزيات في قول. وهو أحد القراء المشهورين والعباد المذكورين، وإليه تنسب المدود الطويلة في القراءة اصطلاحا من عنده، وقد تكلم فيه بسببها بعض الأئمة وأنكروها عليه. وسعيد بن أبى عروبة، وهو أول من جمع السنن في قول، وعبد الله بن شوذب، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وعمر بن ذر.

[ثم دخلت سنة سبع وخمسين ومائة]

فيها بنى المنصور قصره المسمى بالخلد في بغداد، تفاؤلا في الدنيا، فعند كماله مات وخرب القصر من بعده، وكان المستحث في عمارته أبان بن صدقة، والربيع مولى المنصور وهو حاجبه. وفيها حول المنصور الأسواق من قرب دار الامارة إلى باب الكرخ. وقد ذكرنا فيما تقدم سبب ذلك. وفيها أمر بتوسعة الطرقات. وفيها أمر بعمل جسر عند باب الشعير. وفيها استعرض المنصور جنده وهم ملبسون السلاح وهو أيضا لابس سلاحا عظيما، وكان ذلك عند دجلة. وفيها عزل عن السند هشام بن عمرو ولى عليها سعيد بن الخليل. وفيها غزا الصائفة يزيد بن أسيد السلمي فأوغل في بلاد الروم، وبعث سنانا مولى البطال مقدمة بين يديه ففتح حصونا وسبى وغنم.

وفيها حج بالناس إبراهيم بن يحيى بن محمد بن على. ونواب البلاد هم المذكورون في التي قبلها. وفيها توفى الحسين بن واقد، والامام الجليل علامة الوقت أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي فقيه أهل الشام وإمامهم. وقد بقي أهل دمشق وما حولها من البلاد على مذهبه نحوا من مائتين وعشرين سنة.

[وهذا ذكر شيء من ترجمة الأوزاعي ]

هو عبد الرحمن بن عمرو بن محمد أبو عمرو الأوزاعي. والأوزاع بطن من حمير وهو من أنفسهم، قاله محمد بن سعد. وقال غيره: لم يكن من أنفسهم وإنما نزل في محلة الأوزاع، وهي قرية خارج باب الفراديس من قرى دمشق، وهو ابن عم يحيى بن عمرو الشيباني. قال أبو زرعة: وأصله من سبى السند فنزل الأوزاع فغلب عليه النسبة إليها. وقال غيره: ولد ببعلبكّ ونشأ بالبقاع يتيما في حجر أمه، وكانت تنتقل به من بلد إلى بلد، وتأدب بنفسه، فلم يكن في أبناء الملوك والخلفاء والوزراء والتجار وغيرهم أعقل منه، ولا أورع ولا أعلم، ولا أفصح ولا أوقر ولا أحلم، ولا أكثر صمتا منه، ما تكلم بكلمة إلا كان المتعين على من سمعها من جلسائه أن يكتبها عنه، من حسنها،


(١) سقط من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>