الهلال بالجامع الأموي، وركبوا مع النائب صبيحة العيد إلى المصلى على عادة القضاة، وهم على وجل، وقد انتقلوا من مدارس الحكم فرجع قاضى القضاة أبو البقاء الشافعيّ إلى بستانه بالزعيفرية، ورجع قاضى القضاة ابن السراج إلى داره بالتعديل، وارتحل قاضى القضاة شرف الدين المالكي إلى الصالحية داخل الصمصامية، وتألم كثير من الناس بسببه، لأنه قد قدم غريبا من الديار المصرية وهو فقير ومتدين، وقد باشر الحكم جيدا، ثم تبين بآخرة أنه لم يعزل وأنه مستمر كما سنذكره، ففرح أصحابه وأحبابه، وكثير من الناس بذلك، فلما كان يوم الأحد رابع شوال قدم البريد وصحبته تقليد الشافعيّ قاضى القضاة تاج الدين ابن السبكى، وتقليد الحنفي قاضى القضاة شرف الدين الكفري واستمر قاضى القضاة شرف الدين المالكي العراقي على قضاء المالكية، لأن السلطان تذكر أنه كان شافهه بولاية القضاء بالشام، وسيره بين يديه إلى دمشق، فحمدت سيرته كما حسنت سريرته. إن شاء الله، وفرح الناس له بذلك.
وفي ذي القعدة توفى المحدث شمس الدين محمد بن سعد الحنبلي يوم الاثنين ثالثه، ودفن من الغد بالسفح، وقد قارب الستين، وكتب كثيرا وخرج، وكانت له معرفة جيدة بأسماء الأحرار ورواتها من الشيوخ المتأخرين، وقد كتب للحافظ البرزالي قطعة كبيرة من مشايخه، وخرج له عن كل حديثا أو أكثر، وأثبت له ما سمعه عن كل منهم، ولم يتم حتى توفى البرزالي ﵀.
وتوفى بهاء الدين ابن المرجاني باني جامع الفوقاني، وكان مسجدا في الأصل فبناه جامعا، وجعل فيه خطبة، وكنت أول من خطب فيه سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وسمع شيئا من الحديث.
وبلغنا مقتل الأمير سيف الدين بن فضل بن عيسى بن مهنا أحد أمراء الاعراب الأجواد الأنجاد وقد ولى إمرة آل مهنا غير مرة كما وليها أبوه من قبله: عدا عليه بعض بنى عمه فقتله عن غير قصد بقتله، كما ذكر، لكن لما حمل عليه السيف أراد أن يدفع عن نفسه وبنفسه فضربه بالسيف برأسه ففلقه فلم يعش بعده إلا أياما قلائل ومات ﵀ انتهى.
[عزل منجك عن دمشق]
ولما كان يوم الأحد ثانى ذي الحجة قدم أمير من الديار المصرية ومعه تقليد نائب دمشق، وهو الأمير سيف الدين منجك بنيابة صغد المحروسة، فأصبح من الغد - وهو يوم عرفة - وقد انتقل من دار السعادة إلى سطح المزة قاصدا إلى صغد المحروسة فعمل العيد بسطح المزة، ثم ترحل نحو صغد، وطمع كثير من المفسدين والخمارين وغيرهم وفرحوا بزواله عنهم. وفي يوم العيد قرئ كتاب السلطان بدار السعادة على الأمراء وفيه التصريح باستنابة أميره على المارداني عليهم، وعوده إليهم والأمر بطاعته وتعظيمه واحترامه والشكر له والثناء عليه، وقدم الأمير شهاب الدين بن صبح من