أَخُو الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَرْشِدِ، توفى في رجب منها وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ إِحْدَى وَعِشْرُونَ سَنَةً، فَتُرِكَ ضَرْبُ الطُّبُولِ وَجَلَسَ النَّاسُ لِلْعَزَاءِ أَيَّامًا.
مُحَمَّدُ بن أحمد
ابن أبى الفضل الماهاني، أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، تَفَقَّهَ بِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِ، ورحل في طلب الحديث، ودرس وأفتى وناظر. توفى فيها وقد جاوز التسعين، ودفن بقرية ماهان من بلاد مرو،
[محمود السلطان بن السلطان ملك شاه]
كان من خيار الملوك، فيه حلم وأناة وصلابة، وجلسوا للعزاء به ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ سَامَحَهُ اللَّهُ.
هِبَةُ اللَّهِ بْنُ محمد
ابن عبد الواحد بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَبُو الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيُّ، راوي المسند عن على بن المهذب عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ، وَقَدْ سَمِعَ قديما لأنه ولد سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَبَاكَرَ بِهِ أَبُوهُ فَأَسْمَعُهُ، وَمَعَهُ أَخُوهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ عِلْيَةِ الْمَشَايِخِ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتًا صَحِيحَ السَّمَاعِ، تُوُفِّيَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ منها وله ثلاث وتسعون سنة، رحمه الله، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وعشرين وخمسمائة
فيها قدم مسعود بن محمد بن ملك شاه بغداد وقدمها قراجا الساقي، وسلجوق شَاهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ الْمُلْكَ لنفسه، وقدم عماد الدين زنكي لينضم إليهما فتلقاه السَّاقِي فَهَزَمَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى تَكْرِيتَ، فَخَدَمَهُ نَائِبُ قَلْعَتِهَا نَجْمُ الدِّينِ أَيُّوبَ وَالِدُ الْمَلِكِ صلاح الدين يوسف، فاتح بيت المقدس كما سيأتي إن شاء الله، حتى عاد إلى بلاده، وكان هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي مَصِيرِ نَجْمِ الدِّينِ أَيُّوبَ إِلَيْهِ، وَهُوَ بِحَلَبَ، فَخَدَمَ عِنْدَهُ ثُمَّ كان من الأمور ما سيأتي إن شاء الله تعالى. ثم إن الملكين مسعود وَسَلْجُوقَ شَاهْ اجْتَمَعَا فَاصْطَلَحَا وَرَكِبَا إِلَى الْمَلِكِ سنجر فاقتتلا معه، وكان جيشه مائة وستين ألفا وكان جيشهما قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَكَانَ جُمْلَةُ مَنْ قُتِلَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَأَسَرَ جَيْشُ سَنْجَرَ قَرَاجَا السَّاقِي فَقَتَلَهُ صَبْرًا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَجْلَسَ طُغْرُلَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَى سَرِيرِ الْمُلْكِ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَرَجَعَ سَنْجَرُ إِلَى بِلَادِهِ، وَكَتَبَ طُغْرُلُ إِلَى دُبَيْسٍ وَزَنْكِي لِيَذْهَبَا إلى بغداد ليأخذاها، فَأَقْبَلَا فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ فَبَرَزَ إِلَيْهِمَا الْخَلِيفَةُ فَهَزَمَهُمَا، وَقَتَلَ خَلْقًا مِنْ أَصْحَابِهِمَا، وَأَزَاحَ اللَّهُ شَرَّهُمَا عَنْهُ وللَّه الْحَمْدُ. وَفِيهَا قُتِلَ أَبُو على الْأَفْضَلِ بْنِ بَدْرٍ الْجَمَالِيُّ وَزِيرُ الْحَافِظِ الْفَاطِمِيِّ، فَنَقَلَ الْحَافِظُ الْأَمْوَالَ الَّتِي كَانَ أَخَذَهَا إِلَى دَارِهِ وَاسْتَوْزَرَ بَعْدَهُ أَبَا الْفَتْحِ، يَانَسَ الْحَافِظِيَّ، ولقبه أمير الجيوش، ثم احتال فَقَتَلَهُ وَاسْتَوْزَرَ وَلَدَهُ حَسَنًا وَخُطِبَ لَهُ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ. وَفِيهَا عَزَلَ الْمُسْتَرْشِدُ وَزِيرَهُ عَلِيَّ بْنَ طراد الزينبي