للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. وقد ذكرنا في سبب نزول هذه الآية آثارا أخر يطول بسطها هاهنا ومعنى الكلام أن الأنفال مرجعها إلى حكم الله ورسوله يحكما فيها بما فيه المصلحة للعباد في المعاش والمعاد ولهذا قال تعالى ﴿قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ ثم ذكر ما وقع في قصة بدر وما كان من الأمر حتى انتهى إلى قوله ﴿وَاِعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ﴾ الآية فالظاهر أن هذه الآية مبينة لحكم الله في الأنفال الّذي جعل مرده اليه والى رسوله ، فبينه تعالى وحكم فيه بما أراد تعالى، وهو قول أبى زيد وقد زعم أبو عبيد القاسم بن سلام أن رسول الله قسم غنائم بدر على السواء بين الناس، ولم يخمسها. ثم نزل بيان الخمس بعد ذلك ناسخا لما تقدم، وهكذا روى الوالبي عن ابن عباس وبه قال مجاهد وعكرمة والسدي وفي هذا نظر والله أعلم. فان في سياق الآيات قبل آية الخمس وبعدها كلها في غزوة بدر فيقتضى أن ذلك نزل جملة في وقت واحد غير متفاصل بتأخر يقتضي نسخ بعضه بعضا، ثم

في الصحيحين عن على أنه قال في قصة شارفيه اللذين اجتب أسنمتهما حمزة إن إحداهما كانت من الخمس يوم بدر ما يرد صريحا على أبى عبيد أن غنائم بدر لم تخمس والله أعلم. بل خمست كما هو قول البخاري وابن جرير وغيرهما وهو الصحيح الراجح والله أعلم.

[فصل]

في رجوعه من بدر إلى المدينة وما كان من الأمور في مسيره اليها مؤيدا منصورا عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام، وقد تقدم أن الوقعة كانت يوم الجمعة السابع عشر من رمضان سنة اثنتين من الهجرة، وثبت في الصحيحين أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاثة أيام، وقد أقام بعرصة بدر ثلاثة أيام كما تقدم وكان رحيله منها ليلة الاثنين، فركب ناقته ووقف على قليب بدر فقرع أولئك الذين سحبوا اليه كما تقدم ذكره، ثم سار ومعه الأسارى والغنائم الكثيرة وقد بعث بين يديه بشيرين إلى المدينة بالفتح والنصر والظفر على من أشرك بالله وجحده وبه كفر، أحدهما عبد الله بن رواحة إلى أعالى المدينة، والثاني زيد بن حارثة إلى السافلة. قال أسامة بن زيد فأتانا الخبر حين سوينا [التراب] على رقية بنت رسول الله وكان زوجها عثمان بن عفان قد احتبس عندها يمرضها بأمر رسول الله ، وقد ضرب له رسول الله بسهمه وأجره في بدر. قال أسامة: فلما قدم أبى زيد بن حارثة جئته وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>