من متفرقات الأماكن. فادعى كل فريق من هؤلاء أنه أحق بالغنم من الآخرين لما صنع من الأمر المهم. قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الرحمن بن الحارث وغيره عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبى أمامة الباهلي قال سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال: فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا فجعله إلى رسول الله ﷺ فقسمه بين المسلمين عن بواء، يقول عن سواء. وهكذا رواه احمد عن محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق به ومعنى قوله على السواء أي ساوى فيها بين الذين جمعوها وبين الذين اتبعوا العدو وبين الذين ثبتوا تحت الرايات لم يخصص بها فريقا منهم ممن ادعى التخصيص بها، ولا ينفى هذا تخميسها وصرف الخمس في مواضعه كما قد يتوهمه بعض العلماء منهم أبو عبيدة وغيره والله أعلم. بل قد تنفل رسول الله ﷺ سيفه ذو الفقار من مغانم بدر. قال ابن جرير: وكذا اصطفى جملا لأبي جهل كان في أنفه برة من فضة، وهذا قبل إخراج الخمس أيضا. وقال الامام احمد حدثنا معاوية بن عمرو ثنا ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عباس بن أبى ربيعة عن سليمان بن موسى عن أبى سلام عن أبى أمامة عن عبادة بن الصامت قال خرجنا مع النبي ﷺ فشهدت معه بدرا، فالتقى الناس فهزم الله العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون، وأكبت طائفة على المغنم يحوزونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله ﷺ لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم نحن حويناها وليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو لستم بأحق به منا نحن نفينا منها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله ﷺ خفنا أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به، فانزل الله ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ فقسمها رسول الله بين المسلمين. وكان رسول الله ﷺ إذا أغار في أرض العدو نفل الربع فإذا أقبل راجعا نفل الثلث وكان يكره الأنفال وقد روى الترمذي وابن ماجة من حديث الثوري عن عبد الرحمن ابن الحارث آخره وقال الترمذي هذا حديث حسن. ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه من حديث عبد الرحمن، وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه. وقد روى أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم من طرق عن داود بن أبى هند عن عكرمة عن ابن عباس قال لما كان يوم بدر قال رسول الله ﷺ من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا، فسارع في ذلك شبان الرجال وبقي الشيوخ تحت الرايات، فلما كانت الغنائم جاءوا يطلبون الّذي جعل لهم قال الشيوخ: لا تستأثروا علينا فانا كنا ردءا لكم لو انكشفتم لفئتم إلينا، فتنازعوا فانزل الله تعالى ﴿يَسْئَلُونَكَ﴾