أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت» وكذا رواه النسائي من حديث معمر به. قال الحافظ البيهقي وهذا وهم من معمر، وقد رواه بعضهم عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة وهو أيضا وهم والصحيح رواية الجماعة.
وقال احمد أيضا حدثنا إبراهيم بن خالد ثنا رباح عن معمر عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن أبى سلمة عن بعضهم أن رسول الله ﷺ قال وهو في سوق الحزورة:
«والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض الى الله ولولا أنى أخرجت منك ما خرجت» ورواه الطبراني عن احمد بن خليد الحلبي عن الحميدي عن الدراوَرْديّ عن ابن أخى الزهري عن محمد ابن جبير بن مطعم عن عبد الله بن عدي بن الحمراء به. فهذه طرق هذا الحديث، وأصحها ما تقدم والله أعلم.
[وقائع السنة الاولى من الهجرة]
ذكر ما وقع في السنة الاولى من الهجرة النبويّة من الحوادث والوقائع العظيمة اتفق الصحابة ﵃ في سنة ست عشرة - وقيل سنة سبع عشرة، أو ثماني عشرة - في الدولة العمرية على جعل ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة، وذلك أن أمير المؤمنين عمر ﵁ رفع اليه صك - أي حجة - لرجل على آخر وفيه، إنه يحل عليه في شعبان، فقال عمر: أي شعبان؟ أشعبان هذه السنة التي نحن فيها أو السنة الماضية، أو الآتية؟ ثم جمع الصحابة فاستشارهم في وضع تاريخ يتعرفون به حلول الديون وغير ذلك، فقال قائل: أرخوا كتاريخ الفرس فكره ذلك، وكانت الفرس يؤرخون بملوكهم واحدا بعد واحد. وقال قائل: أرخوا بتاريخ الروم، وكانوا يؤرخون بملك إسكندر بن فلبس المقدوني فكره ذلك. وقال آخرون أرخوا بمولد رسول الله ﷺ وقال آخرون بل بمبعثه، وقال آخرون بل بهجرته، وقال آخرون بل بوفاته ﵇. فمال عمر ﵁ إلى التاريخ بالهجرة لظهوره واشتهاره، واتفقوا معه على ذلك.
وقال البخاري في صحيحه: التاريخ ومتى أرخوا التاريخ. حدثنا عبد الله بن مسلم ثنا عبد العزيز عن أبيه عن سهل بن سعد. قال: ما عدوا من مبعث النبي ﷺ ولا من وفاته، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة.
وقال الواقدي: حدثنا ابن أبى الزناد عن أبيه. قال: استشار عمر في التاريخ فاجمعوا على الهجرة وقال أبو داود الطيالسي عن قرة بن خالد السدوسي (١) عن محمد بن سيرين قال: قام رجل إلى عمر فقال أرخوا. فقال ما أرخوا؟ فقال شيء تفعله الأعاجم يكتبون في شهر كذا من سنة كذا. فقال
(١) في المصرية: عن فروة بن خالد السدوسي، وفي الحلبية: فروة بن خالد عن السدي، وصححناه من أنساب السمعاني، والخلاصة.