للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر: حسن فارخوا، فقالوا من أي السنين نبدأ؟ فقالوا من مبعثه، وقالوا من وفاته، ثم أجمعوا على الهجرة، ثم قالوا وأي الشهور نبدأ؟ قالوا رمضان، ثم قالوا المحرم فهو مصرف الناس من حجهم وهو شهر حرام فاجتمعوا على المحرم.

وقال ابن جرير: حدثنا قتيبة ثنا نوح بن قيس الطائي عن عثمان بن محصن أن ابن عباس كان يقول في قوله تعالى ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ﴾ هو المحرم فجر السنة. وروى عن عبيد بن عمير. قال: إن المحرم شهر الله وهو رأس السنة يكسى البيت، ويؤرخ به الناس، ويضرب فيه الورق.

وقال احمد: حدثنا روح بن عبادة ثنا زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار قال: إن أول من ورخ الكتب يعلى بن أمية باليمن، وأن رسول الله قدم المدينة في ربيع الأول وأن الناس أرخوا لأول السنة.

وروى محمد بن إسحاق عن الزهري وعن محمد بن صالح عن الشعبي أنهما قالا: أرخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم، ثم أرخوا من بنيان إبراهيم وإسماعيل البيت، ثم أرخوا من موت كعب بن لؤيّ، ثم أرخوا من الفيل، ثم أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة وذلك سنة سبع عشرة - أو ثماني عشرة - وقد ذكرنا هذا الفصل محررا بأسانيده وطرقه في السيرة العمرية ولله الحمد، والمقصود أنهم جعلوا ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة، وجعلوا أولها من المحرم فيما اشتهر عنهم وهذا هو قول جمهور الأئمة.

وحكى السهيليّ وغيره عن الامام مالك أنه قال: أول السنة الإسلامية ربيع الأول لأنه الشهر الّذي هاجر فيه رسول الله .

[وقد استدل السهيليّ على ذلك في موضع آخر بقوله تعالى ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾ أي من أول يوم حلول النبي المدينة، وهو أول يوم من التاريخ كما اتفق الصحابة على أول سنى التاريخ عام الهجرة] (١) ولا شك أن هذا الّذي قاله الامام مالك مناسب، ولكن العمل على خلافه، وذلك لان أول شهور العرب المحرم فجعلوا السنة الاولى سنة. الهجرة، وجعلوا أولها المحرم كما هو المعروف لئلا يختلط النظام والله أعلم.

فنقول وبالله المستعان: استهلت سنة الهجرة المباركة ورسول الله مقيم بمكة، وقد بايع الأنصار بيعة العقبة الثانية كما قدمنا في أوسط أيام التشريق وهي ليلة الثاني عشر من ذي الحجة قبل سنة الهجرة، ثم رجع الأنصار وأذن رسول للمسلمين في الهجرة إلى المدينة فهاجر من هاجر من أصحابه الى المدينة حتى لم يبق بمكة من يمكنه الخروج إلا رسول الله ، وحبس أبو بكر


(١) ما بين المربعين سقط من النسخة الحلبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>