للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه فمن يرجو بعده؟. وقال مجاهد: خطب عثمان فقال: ابن آدم! اعلم أن ملك الموت الّذي وكل بك لم يزل يخلفك ويتخطى إلى غيرك منذ أنت في الدنيا، وكأنه قد تخطي غيرك إليك، وقصدك، فخذ حذرك، واستعدّ له، ولا تغفل فإنه لا يغفل عنك، واعلم ابن آدم إن غفلت عن نفسك ولم تستعدّ لها لم يستعد لها غيرك، ولا بد من لقاء الله، فخذ لنفسك ولا تكلها إلى غيرك والسلام. وقال سيف بن عمر عن بدر بن عثمان عن عمه. قال: آخر خطبة خطبها عثمان في جماعة «إن الله إنما أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة، ولم يعطكموها لتركنوا إليها، إن الدنيا تفنى وإن الآخرة تبقى، لا تبطرنكم الفانية، ولا تشغلنكم عن الباقية، وآثروا ما يبقى على ما يفنى، فان الدنيا منقطعة وإن المصير إلى الله، اتقوا الله فان تقواه جنّة من بأسه، ووسيلة عنده، واحذروا من الله الغير، وألزموا جماعتكم لا تصيروا أحزابا ﴿وَاُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً﴾ إلى آخر الآيتين *

[فصل]

قال الإمام أحمد: حدثنا هشيم، ثنا محمد بن قيس الأسدي عن موسى بن طلحة. قال: سمعت عثمان بن عفان وهو على المنبر والمؤذن يقيم الصلاة وهو يستخبر الناس يسألهم عن أخبارهم، وأسفارهم. وقال أحمد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا يونس - يعنى ابن عبيد - حدثني عطاء بن فروخ مولى القرشيين أن عثمان اشترى من رجل أرضا فأبطأ عليه فلقيه فقال: ما منعك من قبض مالك؟ قال: إنك غبنتنى، فما ألقى من الناس أحدا إلا وهو يلومني، قال: أذلك يمنعك؟ قال:

نعم! قال: فاختر بين أرضك ومالك، ثم قال:

قال رسول الله : «أدخل الله الجنة رجلا كان سهلا مشتريا وبائعا وقاضيا ومقتضيا». وروى ابن جرير أن طلحة لقي عثمان وهو خارج إلى المسجد فقال له طلحة: إن الخمسين ألفا التي لك عندي قد حصلت فأرسل من يقبضها، فقال له عثمان: إنا قد وهبناكها لمروءتك. وقال الأصمعي: استعمل ابن عامر قطن بن عوف الهلالي على كرمان، فأقبل جيش من المسلمين - أربعة آلاف - وجرى الوادي فقطعهم عن طريقهم، وخشي قطن الفوت فقال:

من جاز الوادي فله ألف درهم، فحملوا أنفسهم على العوم، فكان إذا جاز الرجل منهم قال قطن:

أعطوه جائزته، حتى جازوا جميعا وأعطاهم أربعة آلاف ألف درهم، فأبى ابن عامر أن يحسبها له، فكتب بذلك إلى عثمان بن عفان، فكتب عثمان: أن احسبها له، فإنه إنما أعان المسلمين في سبيل الله فمن ذلك اليوم سميت الجوائز لاجازة الوادي، فقال الكناني في ذلك:

فدى للأكرمين بنى هلال … على علاتهم أهلي ومالي

<<  <  ج: ص:  >  >>