كفرا إن صح عن قائله، وعندي أن خالد بن عبد الله لا يصح عنه هذا الكلام، وإن صح فهو عدو الله، وقد قيل عن الحجاج بن يوسف نحو هذا الكلام من أنه جعل الخليفة أفضل من الرسول الّذي أرسله الله، وكل هذه الأقوال تتضمن كفر قائلها.
وفي هذه السنة غزا قتيبة بن مسلم الترك حتى بلغ باب الأبواب من ناحية أذربيجان، وفتح حصونا ومدائن كثيرة هنالك. وحج بالناس فيها عمر بن عبد العزيز. قال شيخنا الذهبي: وفي هذه السنة فتحت صقلّيّة وميورقة وقيل ميرقة، وهما في البحر بين جزيرة صقلّيّة وخدرة من بلاد الأندلس.
وفيها سيّر موسى بن نصير ولده إلى النقريس ملك الفرنج فافتتح بلادا كثيرة. وفيها توفى من الأعيان عبد الله بن ثعلبة بن صعير أحد التابعين العذري الشاعر، وقد قيل إنه أدرك حياة النبي ﷺ، ومسح على رأسه، وكان الزهري يتعلم منه النسب. والعمال في هذه السنة هم المذكورون في التي قبلها.
[ثم دخلت سنة تسعين من الهجرة]
فيها غزا مسلمة بن عبد الملك والعباس بن الوليد بلاد الروم، ففتحا حصونا وقتلا خلقا من الروم وغنما وأسرا خلقا كثيرا. وفيها أسرت الروم خالد بن كيسان صاحب البحر، وذهبوا به إلى ملكهم فأهداه ملك الروم إلى الوليد بن عبد الملك. وفيها عزل الوليد أخاه عبد الله بن عبد الملك عن إمرة مصر وولى عليها قرة بن شريك. وفيها قتل محمد بن القاسم ملك السند داهر بن صصّة، وكان محمد بن القاسم هذا على جيش من جهة الحجاج. وفيها فتح قتيبة بن مسلم مدينة بخارى وهزم جميع العدو من الترك بها، وجرت بينهم فصول يطول ذكرها، وقد تقصاها ابن جرير. وفيها طلب طرخون ملك الصغد بعد فتح بخارى من قتيبة أن يصالحه على مال يبذله في كل عام فأجابه قتيبة إلى ذلك وأخذ منه رهنا عليه. وفيها استنجد وردان خذاه بالترك فأتوه من جميع النواحي - وهو صاحب بخارى بعد أخذ قتيبة لها - وخرج وردان خذاه وحمل على المسلمين فحطموهم ثم عاد المسلمون عليهم فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وصالح قتيبة ملك الصغد، وفتح بخارى وحصونها، ورجع قتيبة بالجند إلى بلاده فأذن له الحجاج، فلما سار إلى بلاده بلغه أن صاحب الصغد قال لملوك الترك: إن العرب بمنزلة اللصوص فان أعطوا شيئا ذهبوا، وإن قتيبة هكذا يقصد الملوك، فان أعطوه شيئا أخذه ورجع عنهم، وإن قتيبة ليس بملك ولا يطلب ملكا. فبلغ قتيبة قوله فرجع إليهم فكاتب نيزك ملك الترك ملوك ما وراء النهر منهم ملك الطالقان، وكان قد صالح قتيبة فنقض الصلح الّذي كان بينه وبين قتيبة، واستجاش عليه بالملوك كلها، فأتاه ملوك كثيرة كانوا قد عاهدوا قتيبة على الصلح فنقضوا كلهم وصاروا يدا واحدة على قتيبة، واتعدوا إلى الربيع وتعاهدوا وتعاقدوا على أن يجتمعوا فيقاتلوا كلهم في فصل الربيع من السنة الآتية، فقتل منهم قتيبة في ذلك الحين مقتلة