حتى حكيت بجسمي ماء مقلته … كأن سقيم من عينيه مسروق
خرج الصولي من بغداد إلى البصرة لحاجة لحقته فمات بها في هذه السنة.
وفيها كانت وفاة ابنة الشيخ أبى الزاهد المكيّ، وكانت من العابدات الناسكات المقيمات بمكة، وكانت تقتات من كسب أبيها من عمل الخوص، في كل سنة ثلاثين درهما يرسلها إليها، فاتفق أنه أرسلها مرة مع بعض أصحابه فزاد عليها ذلك الرجل عشرين درهما - يريد بذلك برها وزيادة في نفقتها - فلما اختبرتها قالت: هل وضعت في هذه الدراهم شيئا من مالك؟ أصدقني بحق الّذي حججت له.
فقال: نعم عشرين درهما. فقالت: ارجع بها لا حاجة لي فيها، ولولا أنك قصدت الخير لدعوت الله عليك، فإنك قد أجعتنى عامي هذا، ولم يبق لي رزق إلا من المزابل إلى قابل. فقال: خذي منها الثلاثين التي أرسل بها أبوك إليك ودعي العشرين. فقالت: لا، إنها قد اختلطت بمالك ولا أدرى ما هو. قال الرجل: فرجعت بها إلى أبيها فأبى أن يقبلها وقال: شققت يا هذا على وضيقت عليها، ولكن اذهب فتصدق بها.
[ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة]
فيها ركب معز الدولة من بغداد إلى الموصل فانهزم منه ناصر الدولة إلى نصيبين، فتملك معز الدولة ابن بويه الموصل في رمضان فعسف أهلها وأخذ أموالهم، وكثر الدعاء عليه. ثم عزم على أخذ البلاد كلها من ناصر الدولة بن حمدان، فجاء خبر من أخيه ركن الدولة يستنجده على من قبله من الخراسانية، فاحتاج إلى مصالحة ناصر الدولة على أن يحمل ما تحت يده من بلاد الجزيرة والشام في كل سنة ثمانية آلاف ألف درهم، وأن يخطب له ولأخويه عماد الدولة وركن الدولة على منابر بلاده كلها ففعل.
وعاد معز الدولة إلى بغداد وبعث إلى أخيه بجيش هائل، وأخذ له عهد الخليفة بولاية خراسان. وفيها دخل سيف الدولة بن حمدان صاحب حلب إلى بلاد الروم، فلقيه جمع كثيف من الروم فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزم سيف الدولة وأخذت الروم ما كان معهم، وأوقعوا بأهل طرسوس بأسا شديدا، ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾. قال ابن الجوزي: وفي رمضان انتهت زيادة دجلة أحد وعشرين ذراعا وثلثا
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[عبد الله بن محمد بن حمدويه]
ابن نعيم بن الحكم أبو محمد البيع، وهو والد الحاكم أبى عبد الله النيسابورىّ، أذن ثلاثا وستين سنة وغزا اثنتين وعشرين غزوة، وأنفق على العلماء مائة ألف، وكان يقوم الليل كثيرا، وكان كثير الصدقة، أدرك عبد الله بن أحمد بن حنبل ومسلم بن الحجاج، وروى عن ابن خزيمة وغيره، وتوفى عن ثلاث وتسعين سنة.
[قدامة الكاتب المشهور]
هو قدامة بن جعفر بن قدامة أبو الفرج الكاتب، له مصنف في الخراج وصناعة الكتابة، وبه