للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبق دون أقرانه، وكان هو أَمِيرَ الْأُمَرَاءِ، وَبِذَلِكَ كَانَ يُكَاتِبُهُ الْخُلَفَاءُ، وَلَكِنْ أخوه معز الدولة كان ينوب عنه في العراق وَالسَّوَادِ. وَلَمَّا مَاتَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ اشْتَغَلَ الْوَزِيرُ أبو جعفر الضميري عن محاربة عمران بن شاهين الصياد- وكان قد كَتَبَ إِلَيْهِ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ أَنْ يَسِيرَ إِلَى شيراز ويضبط أمرها- فَقَوِيَ أَمْرُ عِمْرَانَ بَعْدَ ضَعْفِهِ، وَكَانَ مِنْ أمره ما سيأتي في موضعه.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

أَبُو جَعْفَرٍ النحاس النحويّ.

أحمد بن محمد إِسْمَاعِيلَ بْنِ يُونُسَ

أَبُو جَعْفَرٍ الْمُرَادِيُّ الْمِصْرِيُّ النَّحْوِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالنَّحَّاسِ، اللُّغَوِيِّ الْمُفَسِّرِ الْأَدِيبِ، لَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي التَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَلَقِيَ أَصْحَابَ الْمُبَرِّدِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْهَا يَوْمَ السَّبْتِ. وَكَانَ سَبَبُ وَفَاتِهِ أَنَّهُ جَلَسَ عِنْدَ الْمِقْيَاسِ يُقَطِّعُ شَيْئًا مِنَ الْعَرُوضِ فَظَنَّهُ بَعْضُ الْعَامَّةِ يَسْحَرُ النيل فَرَفَسَهُ بِرِجْلِهِ فَسَقَطَ فَغَرِقَ، وَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ ذهب. وقد كان أخذ النحو عن على بن سليمان الأحوص وأبى بكر الْأَنْبَارِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ الزَّجَّاجِ وَنَفْطَوَيْهِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَهُ مصنفات كثيرة مفيدة، منها تفسير القرآن والناسخ والمنسوخ، وشرح أبيات سيبويه، ولم يصنف مثله، وشرح المعلقات والدواوين الْعَشَرَةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنِ النَّسَائِيِّ وكان بخيلا جدا، وانتفع الناس به. وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ الْخَلِيفَةِ.

الْمُسْتَكْفِي باللَّه

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُكْتَفِي باللَّه، وَقَدْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَيَوْمَيْنِ، ثُمَّ خُلِعَ وسملت عيناه كما تقدم ذكره. توفى فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَهُوَ مُعْتَقَلٌ فِي دَارِهِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً وَشَهْرَانِ.

[على بن ممشاد بن سحنون بن نصر]

أبو الْمُعَدَّلُ، مُحَدِّثُ عَصْرِهِ بِنَيْسَابُورَ، رَحَلَ إِلَى الْبُلْدَانِ وسمع الكثير وحدث وصنف مسندا أَرْبَعِمِائَةِ جُزْءٍ، وَلَهُ غَيْرُ ذَلِكَ مَعَ شِدَّةِ الْإِتْقَانِ وَالْحِفْظِ، وَكَثْرَةِ الْعِبَادَةِ وَالصِّيَانَةِ وَالْخَشْيَةِ للَّه عَزَّ وَجَلَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: صَحِبْتُهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ فَمَا أَعْلَمُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ كَتَبَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةً. وَلَهُ تَفْسِيرٌ فِي مِائَتَيْ جُزْءٍ وَنَيِّفٍ، دَخَلَ الْحَمَّامَ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ فَتُوُفِّيَ فِيهِ فَجْأَةً، وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الرَّابِعِ عَشَرَ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ

أَبُو الْحَسَنِ الْوَاعِظُ الْبَغْدَادِيُّ، ارْتَحَلَ إِلَى مِصْرَ فَأَقَامَ بها حتى عرف بالمصري، سمع الكثير وروى عنه الدار قطنى وَغَيْرُهُ، وَكَانَ لَهُ مَجْلِسُ وَعْظٍ يَحْضُرُ فِيهِ الرجال والنساء وكان يتكلم وهو مبرقع لئلا يرى النساء حسن وجهه، وقد حضر مجلسه أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ مُسْتَخْفِيًا فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَهُ قَامَ قَائِمًا وَشَهَرَ نَفْسَهُ وَقَالَ لَهُ: الْقَصَصُ بعدك حرام. قال الخطيب: كان ثِقَةً أَمِينًا عَارِفًا، جَمَعَ حَدِيثَ اللَّيْثِ وَابْنِ لهيعة وله كتب كثيرة في الزهد. توفى فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا، وَلَهُ سَبْعٌ وَثَمَانُونَ سنة والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>