للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب الوزير فلم يعرفه أحد، فجلس لعل أحدا يستأذن له على الوزير حتى طال عليه المجلس وهم بالانصراف، ثم إنه قال لبعض الحجبة قل للوزير: إني رجل رأيت رسول الله في المنام وأنا أريد أن أقصه على الوزير. فقال له الحاجب: وأنت صاحب الرؤيا؟ إن الوزير قد أنفذ في طلبك رسلا متعددة. ثم دخل الحجاب فأخبروا الوزير فقال: أدخله على سريعا. فدخل عليه فأقبل عليه الوزير يستعلم عن حاله واسمه وصفته ومنزله، فذكر ذلك له، فقال له الوزير: إني رأيت رسول الله وهو يأمرني بإعطائك أربعمائة دينار، فأصبحت لا أدرى من أسأل عنك، ولا أعرفك ولا أعرف أين أنت، وقد أرسلت في طلبك إلى الآن عدة رسل فجزاك الله خيرا عن قصدك إياي. ثم أمر الوزير بإحضار ألف دينار فقال: هذه أربعمائة دينار لأمر رسول الله وستمائة هبة من عندي.

فقال الرجل: لا والله لا أزيد على ما أمرنى به رسول الله ، فانى أرجو الخير والبركة فيه. ثم أخذ منها أربعمائة دينار، فقال الوزير: هذا هو الصدق واليقين. فخرج ومعه الأربعمائة دينار فعرض على أرباب الديون أموالهم فقالوا: نحن نصبر عليك ثلاث سنين، وافتح بهذا الذهب دكانك ودم على كسبك. فأبى إلا أن يعطيهم من أموالهم الثلث، فدفع إليهم مائتي دينار، وفتح حانوته بالمائتى دينار الباقية، فما حال عليه الحول حتى ربح ألف دينار. ولعلى بن عيسى الوزير أخبار كثيرة صالحة. كانت وفاته في هذه السنة عن تسعين سنة. ويقال في التي قبلها والله أعلم.

[محمد بن إسماعيل]

ابن إسحاق بن بحر أبو عبد الله الفارسي الفقيه الشافعيّ، كان ثقة ثبتا فاضلا، سمع أبا زرعة الدمشقيّ وغيره، وعنه الدار قطنى وغيره وآخر من حدث عنه أبو عمر بن مهدي، توفى في شوال من هذه السنة.

[هارون بن محمد]

ابن هارون بن على بن موسى بن عمرو بن جابر بن يزيد بن جابر بن عامر بن أسيد بن تميم بن صبح بن ذهل بن مالك بن سعيد بن حبنة أبو جعفر، والد القاضي أبى عبد الله الحسن بن هارون.

كان أسلافه ملوك عمان في قديم الزمان، وجده يزيد بن جابر أدرك الإسلام فأسلم وحسن إسلامه، وكان هارون هذا أول من انتقل من أهله من عمان فنزل بغداد وحدث بها، وروى عن أبيه، وكان فاضلا متضلعا من كل فن، وكانت داره مجمع العلماء في سائر الأيام، ونفقاته دارة عليهم، وكان له منزلة عالية، ومهابة ببغداد، وقد أثنى عليه الدار قطنى ثناء كثيرا، وقال: كان مبرزا في النحو واللغة والشعر، ومعاني القرآن، وعلم الكلام.

قال ابن الأثير: وفيها توفى أبو بكر محمد بن عبد الله بن العباس بن صول الصولي، وكان عالما بفنون الآداب والأخبار، وإنما ذكره ابن الجوزي في التي بعدها كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>