للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلْبَسَ ثِيَابَ كِسْرَى لِسُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ أَمِيرِ بَنِي مُدْلِجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ثنا أبو سعيد ابن الْأَعْرَابِيِّ. قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِي بِخَطِّ يَدِي عَنْ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ثَنَا يُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِفَرْوَةِ كِسْرَى فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَفِي الْقَوْمِ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، قَالَ فَأَلْقَى إِلَيْهِ سِوَارَيْ كِسْرَى بن هرمز فجعلهما في يده فَبَلَغَا مَنْكِبَيْهِ فَلَمَّا رَآهُمَا فِي يَدَيْ سُرَاقَةَ قَالَ الْحَمْدُ للَّه سِوَارَيْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ فِي يَدَيْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ أَعْرَابِيٍّ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. هَكَذَا سَاقَهُ الْبَيْهَقِيُّ. ثُمَّ حَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَإِنَّمَا أَلْبَسَهُمَا سُرَاقَةَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِسُرَاقَةَ وَنَظَرَ إلى ذراعيه «كأنى بك وقد ألبست سِوَارَيْ كِسْرَى» قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ قَالَ عُمَرُ لِسُرَاقَةَ حِينَ أَلْبَسَهُ سِوَارَيْ كِسْرَى: قُلِ اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: قُلِ الْحَمْدُ للَّه الَّذِي سَلَبَهُمَا كِسْرَى بْنَ هُرْمُزَ وألبسهما سراقة بن مالك أعرابى مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ بَعَثَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَيَّامَ الْقَادِسِيَّةِ إِلَى عُمَرَ بِقَبَاءِ كِسْرَى وَسَيْفِهِ وَمِنْطَقَتِهِ وَسِوَارَيْهِ وَسَرَاوِيلِهِ وَقَمِيصِهِ وَتَاجِهِ وَخُفَّيْهِ، قَالَ فَنَظَرَ عُمَرُ فِي وجوه القوم. وكان أَجْسَمَهُمْ وَأَبَدْنَهُمْ قَامَةً سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ يَا سُرَاقُ قُمْ فَالْبَسْ، قَالَ سُرَاقَةُ فَطَمِعْتُ فِيهِ فَقُمْتُ فَلَبِسْتُ فَقَالَ أُدَبِرْ فَأَدْبَرْتُ، ثُمَّ قَالَ أَقْبِلْ فَأَقْبَلْتُ، ثُمَّ قَالَ بخ بخ، أعير أبي مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ عَلَيْهِ قَبَاءُ كِسْرَى وَسَرَاوِيلُهُ وَسَيْفُهُ وَمِنْطَقَتُهُ وَتَاجُهُ وَخُفَّاهُ. رُبَّ يَوْمٍ يَا سُرَاقُ بْنَ مَالِكٍ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ فِيهِ هَذَا مِنْ مَتَاعِ كِسْرَى وَآلِ كِسْرَى، كَانَ شَرَفًا لَكَ وَلِقَوْمِكَ، انْزِعْ. فَنَزَعْتُ. فَقَالَ: اللَّهمّ إِنَّكَ مَنَعْتَ هَذَا رَسُولَكَ وَنَبِيَّكَ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنِّي وَأَكْرَمَ عَلَيْكَ مِنِّي. وَمَنَعْتَهُ أَبَا بَكْرٍ وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنِّي، وَأَكْرَمَ عَلَيْكَ مِنِّي، وَأَعْطَيْتَنِيهِ فَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تَكُونَ أَعْطَيْتَنِيهِ لِتَمْكُرَ بِي. ثُمَّ بَكَى حَتَّى رَحِمَهُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ. ثُمَّ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ:

أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا بِعْتَهُ ثُمَّ قَسَّمْتَهُ قَبْلَ أَنْ تُمْسِيَ وَذَكَرَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ: أَنَّ عُمَرَ حِينَ مَلَكَ تِلْكَ الْمَلَابِسَ وَالْجَوَاهِرَ جِيءَ بِسَيْفِ كِسْرَى وَمَعَهُ عِدَّةُ سُيُوفٍ مِنْهَا سَيْفُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ نَائِبِ كِسْرَى عَلَى الْحِيرَةِ وَأَنَّ عُمَرَ قَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي جَعَلَ سَيْفَ كِسْرَى فِيمَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ قَوْمًا أَدَّوْا هَذَا لأمناء، أو لذو أَمَانَةٍ. ثُمَّ قَالَ:

إِنَّ كِسْرَى لَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ تَشَاغَلَ بِمَا أَوُتِيَ عَنْ آخِرَتِهِ فَجَمَعَ لِزَوْجِ امْرَأَتِهِ، أَوْ زَوْجِ ابْنَتِهِ، وَلَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ قَدَّمَ لِنَفْسِهِ وَوَضَعَ الْفُضُولَ في مَوَاضِعَهَا لَحَصَلَ لَهُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ وهو أبو نجيد نَافِعُ بْنُ الْأَسْوَدِ فِي ذَلِكَ:

وَأَمَلْنَا عَلَى المدائن خيلا ... بحرها مثل برّهنّ أريضا

<<  <  ج: ص:  >  >>