يا سارية بن زنيم الجبل، يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم من استرعى الذئب الغنم، فعلوت بأصحابي الجبل، ونحن قبل ذلك في بطن واد، ونحن محاصرو العدو ففتح الله علينا. فقيل لعمر بن الخطاب ما ذلك الكلام؟ فقال: والله ما ألقيت له إلا بشيء ألقى على لساني. فهذه طرق يشد بعضها بعضا.
ثم ذكر ابن جرير من طريق سيف عن شيوخه فتح كرمان على يدي سهيل بن عدي وأمده عبد الله ابن عبد الله بن عتبان، وقيل على يدي عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وذكر فتح سجستان على يدي عاصم بن عمرو، بعد قتال شديد، وكانت ثغورها متسعة، وبلادها متنائية، ما بين السند إلى نهر بلخ، وكانوا يقاتلون القندهار والترك من ثغورها وفروجها. وذكر فتح مكران على يدي الحكم بن عمرو، وأمده بشهاب بن المخارق بن شهاب، وسهيل بن عدي، وعبد الله بن عبد الله، واقتتلوا مع ملك السند فهزم الله جموع السند، وغنم المسلمون منهم غنيمة كثيرة، وكتب الحكم ابن عمرو بالفتح وبعث بالأخماس مع صحار العبديّ، فلما قدم على عمر سأله عن أرض مكران فقال:
يا أمير المؤمنين أرض سهلها جبل، وماؤها وشل، وثمرها دقل، وعدوها بطل، وخيرها قليل، وشرها طويل، والكثير بها قليل، والقليل بها ضائع، وما وراءها شر (١) منها. فقال عمر:
أسجّاع أنت أم مخبر؟ فقال: لا، بل مخبر، فكتب عمر إلى الحكم بن عمرو أن لا يغزو بعد ذلك مكران، وليقتصروا على ما دون النهر. وقد قال الحكم بن عمرو في ذلك:
لقد شبع الأرامل غير فخر … بفيء جاءهم من مكران
أتاهم بعد مسغبة وجهد … وقد صفر الشتاء من الدّخان
فانى لا يذم الجيش فعلى … ولا سيفي يذم ولا لساني
غداة أدافع الأوباش دفعا … إلى السند العريضة والمدانى
ومهران لنا فيما أردنا … مطيع غير مسترخى العنان
فلولا ما نهى عنه أميرى … قطعناه إلى البدد الزواني
[غزوة الأكراد]
ثم ذكر ابن جرير بسنده عن سيف عن شيوخه: أن جماعة من الأكراد والتف إليهم طائفة من الفرس اجتمعوا فلقيهم أبو موسى بمكان من أرض بيروذ قريب من نهر تيري، ثم سار عنهم أبو موسى إلى أصبهان وقد استخلف على حربهم الربيع بن زياد بعد مقتل أخيه المهاجر بن زياد، فتسلم الحرب وحنق عليهم، فهزم الله العدو وله الحمد والمنة، كما هي عادته المستمرة وسنته المستقرة، في عباده المؤمنين، وحزبه المفلحين، من أتباع سيد المرسلين. ثم خمست الغنيمة وبعث بالفتح والخمس