هذه السنة ﵀. وقد توفى الشريف المرتضى نقيب الأشراف بحلب، وكانت وفاته بها، رحمه الله تعالى.
[ثم دخلت سنة أربع وخمسين وستمائة]
فيها كان ظهور النار من أرض الحجاز التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى، كما نطق بذلك الحديث المتفق عليه، وقد بسط القول في ذلك الشيخ الامام العلامة الحافظ شهاب الدين أبو شامة المقدسي في كتابه الذيل وشرحه، واستحضره من كتب كثيرة وردت متواترة إلى دمشق من الحجاز بصفة أمر هذه النار التي شوهدت معاينة، وكيفية خروجها وأمرها، وهذا محرر في كتاب:
دلائل النبوة من السيرة النبويّة، في أوائل هذا الكتاب ولله الحمد والمنة. وملخص ما أورده أبو شامة أنه قال: وجاء إلى دمشق كتب من المدينة النبويّة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، بخروج نار عندهم في خامس جمادى الآخرة من هذه السنة، وكتبت الكتب في خامس رجب، والنار بحالها، ووصلت الكتب إلينا في عاشر شعبان ثم قال:
«بسم الله الرحمن الرحيم، ورد إلى مدينة دمشق في أوائل شعبان من سنة أربع وخمسين وستمائة كتب من مدينة رسول الله ﷺ، فيها شرح أمر عظيم حدث بها فيه تصديق لما
في الصحيحين من حديث أبى هريرة. قال قال رسول الله ﷺ: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى» فأخبرني من أثق به ممن شاهدها أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب. قال وكنا في بيوتنا تلك الليالي، وكان في دار كل واحد منا سراج، ولم يكن لها حر ولفح على عظمها، إنما كانت آية من آيات الله ﷿». قال أبو شامة: وهذه صورة ما وقفت عليه من الكتب الواردة فيها.
«لما كانت ليلة الأربعاء ثالث جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة ظهر بالمدينة النبويّة دوى عظيم، ثم زلزلة عظيمة رجفت منها الأرض والحيطان والسقوف والأخشاب والأبواب، ساعة بعد ساعة إلى يوم الجمعة الخامس من الشهر المذكور، ثم ظهرت نار عظيمة في الحرة قريبة من قريظة نبصرها من دورنا من داخل المدينة كأنها عندنا، وهي نار عظيمة إشعالها أكثر من ثلاث منارات، وقد سالت أودية بالنار إلى وادي شظا مسيل الماء، وقد مدت مسيل شظا وما عاد يسيل، والله لقد طلعنا جماعة نبصرها فإذا الجبال تسيل نيرانا، وقد سدت الحرة طريق الحاج العراقي، فسارت إلى أن وصلت إلى الحرة فوقفت بعد ما أشفقنا أن تجيء إلينا، ورجعت تسيل في الشرق فخرج من وسطها سهود وجبال نيران تأكل الحجارة، فيها أنموذج عما أخبر الله تعالى في كتابه ﴿إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ﴾ وقد أكلت الأرض، وقد كتبت هذا الكتاب يوم خامس رجب سنة أربع وخمسين وستمائة والنار في زيادة ما تغيرت، وقد عادت إلى الحرار في قريظة طريق