«أولئك العصاة» وقد رواه مسلم من حديث الثقفي والدراوَرْديّ عن جعفر بن محمد. وروى الامام أحمد من حديث محمد بن إسحاق حدثني بشير بن يسار عن ابن عباس قال: خرج رسول الله ﷺ عام الفتح في رمضان فصام وصام المسلمون معه، حتى إذا كان بالكديد دعا بماء في قعب وهو على راحلته فشرب والناس ينظرون يعلمهم أنه قد أفطر، فأفطر المسلمون، تفرد به احمد.
[فصل في إسلام العباس بن عبد المطلب عم النبي ﷺ وأبى سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم رسول الله ﷺ وعبد الله بن أبى أمية بن المغيرة المخزومي أخى أم سلمة أم المؤمنين وهجرتهم الى رسول الله ﷺ فوجدوه في أثناء الطريق وهو ذاهب الى فتح مكة.]
قال ابن إسحاق: وقد كان العباس بن عبد المطلب لقي رسول الله ﷺ ببعض الطريق، قال ابن هشام: لقيه بالجحفة مهاجرا بعياله وقد كان قبل ذلك مقيما بمكة على سقايته ورسول الله ﷺ عنه راض فيما ذكره ابن شهاب الزهري.
قال ابن إسحاق: وقد كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبى أمية قد لقيا رسول الله ﷺ أيضا بنيق العقاب فيما بين مكة والمدينة والتمسا الدخول عليه، فكلمته أم سلمة فيهما فقالت: يا رسول الله إن ابن عمك وابن عمتك وصهرك قال «لا حاجة لي بهما أما ابن عمى فهتك عرضي، وأما ابن عمتي فهو الّذي قال لي بمكة ما قال»(١) قال فلما خرج اليهما الخبر بذلك ومع أبى سفيان بنى له فقال: والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد بنى هذا ثم لنذهبن في الأرض ثم نموت عطشا وجوعا. فلما بلغ ذلك النبي ﷺ رق لهما ثم أذن لهما فدخلا عليه فأسلما، وأنشد أبو سفيان قوله في إسلامه واعتذر اليه مما كان مضى منه:
لعمرك أنى يوم أحمل راية … لتغلب خيل اللات خيل محمد
لكالمدلج الحيران أظلم ليله … فهذا أواني حين أهدى وأهتدى
هداني هاد غير نفسي ونالني … مع الله من طردت كل مطرد
أصد وأنأى جاهدا عن محمد … وأدعى وإن لم أنتسب من محمد
هموا ما هموا من لم يقل بهواهم … وإن كان ذا رأى يلم ويفند
أريد لأرضيهم ولست بلائط … مع القوم ما لم أهد في كل مقعد
فقل لثقيف لا أريد قتالها … وقل لثقيف تلك عيرى أوعدى
(١) قال السهيليّ: يعنى حين قال له: والله لا آمنت بك حتى تتخذ سلما الى السماء فتعرج فيه وأنا انظر ثم تأتى بصك وأربعة من الملائكة يشهدون أن الله قد أرسلك.