للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها التفسير في ألف جزء، والمسند في ألف وخمسمائة جزء، والتاريخ في مائة وخمسين جزءا، والزهد في مائة جزء توفى في ذي الحجة منها وقد قارب التسعين .

[الحافظ الدار قطنى]

على بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن دينار بن عبد الله الحافظ الكبير، أستاذ هذه الصناعة، وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا، سمع الكثير، وجمع وصنف وألف وأجاد وأفاد، وأحسن النظر والتعليل والانتقاد والاعتقاد، وكان فريد عصره، ونسيج وحده، وإمام دهره في أسماء الرجال وصناعة التعليل، والجرح والتعديل، وحسن التصنيف والتأليف، واتساع الرواية، والاطلاع التام في الدراية، له كتابه المشهور من أحسن المصنفات في بابه، لم يسبق إلى مثله ولا يلحق في شكله إلا من استمد من بحرة وعمل كعمله، وله كتاب العلل بين فيه الصواب من الدخل، والمتصل من المرسل والمنقطع والمعضل، وكتاب الافراد الّذي لا يفهمه، فضلا عن أن ينظمه، إلا من هو من الحفاظ الأفراد، والأئمة النقاد، والجهابذة الجياد، وله غير ذلك من المصنفات التي هي كالعقود في الأجياد، وكان من صغره موصوفا بالحفظ الباهر، والفهم الثاقب، والبحر الزاخر، جلس مرة في مجلس إسماعيل الصفار وهو يملى على الناس الأحاديث، والدار قطنى ينسخ في جزء حديث، فقال له بعض المحدثين في أثناء المجلس: إن سماعك لا يصح وأنت تنسخ، فقال الدار قطنى: فهمي للاملاء أحسن من فهمك وأحضر، ثم قال له ذلك الرجل: أنحفظ كم أملى حديثا؟ فقال: إنه أملى ثمانية عشر حديثا إلى الآن، والحديث الأول منها عن فلان عن فلان، ثم ساقها كلها بأسانيدها وألفاظها لم يخرم منها شيئا، فتعجب الناس منه. وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري: لم ير الدار قطنى مثل نفسه. وقال ابن الجوزي: وقد اجتمع له مع معرفة الحديث والعلم بالقراءات والنحو والفقه والشعر مع الإمامة والعدالة، وصحة العقيدة، وقد كانت وفاته في يوم الثلاثاء السابع من ذي القعدة منها، وله من العمر سبع وسبعون سنة ويومان، ودفن من الغد بمقبرة معروف الكرخي .

قال ابن خلكان: وقد رحل إلى الديار المصرية فأكرمه الوزير أبو الفضل جعفر بن خنزابة وزير كافور الإخشيدي، وساعده هو الحافظ عبد الغنى على إكمال مسندة، وحصل قطنى منه مال جزيل. قال: والدار قطنى نسبة إلى دار القطن وهي محلة كبيرة ببغداد، وقال عبد الغنى بن سعيد الضرير: لم يتكلم على الأحاديث مثل على بن المديني في زمانه، وموسى بن هارون في زمانه، والدار قطنى في زمانه. وسئل الدار قطنى: هل رأى مثل نفسه؟ قال: أما في فن واحد فربما رأيت من هو أفضل منى، وأما فيما اجتمع لي من الفنون فلا. وقد روى الخطيب البغدادي عن الأمير أبى نصر هبة الله بن ماكولا قال: رأيت في المنام كأنى أسأل عن حال أبى الحسن الدار قطنى وما آل أمره إليه في

<<  <  ج: ص:  >  >>