للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسرح غزلان وحانة قهوة … وروضة أزهار ومطلع أسعد

وأسرار عرفان ومفتاح حكمة … وأنفاس وجدان وفيض تبلد

وجيش لضرغام وخدر لكاعب … وظلمة جيران ونور لمهتدى

تقابلت الأضداد عندي جميعها … لمحنة مجهود ومنحة مجتدى

وأحكمت تقرير المراتب صورة … ومعنى ومن عين التفرد موردي

فما موطن إلا ولي فيه موقف … على قدم قامت بحق التفرد

فلا غرو إن فت الأنام جميعهم … وقد علقت بحبل من حبال محمد

عليه صلاة الله تشفع دائما … بروح تحيات السلام المردد

ابن العود الرافضيّ

أبو القاسم الحسين بن العود نجيب الدين الأسدي الحلي، شيخ الشيعة وإمامهم وعالمهم في أنفسهم، كانت له فضيلة ومشاركة في علوم كثيرة، وكان حسن المحاضرة والمعاشرة، لطيف النادرة، وكان كثير التعبد بالليل، وله شعر جيد. ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وتوفى في رمضان من هذه السنة عن ست وتسعين سنة، والله أعلم بأحوال عباده سرائرهم ونياتهم.

[ثم دخلت سنة ثمان وسبعين وستمائة]

كان أولها يوم الأحد والخليفة والسلطان هما المذكوران في التي قبلها، وقد اتفق في هذه السنة أمور عجيبة، وذلك أنه وقع الخلف بين الممالك كلها، اختلفت التتار فيما بينهم واقتتلوا فقتل منهم خلق كثير، واختلفت الفرنج في السواحل وصال بعضهم على بعض وقتل بعضهم بعضا، وكذلك الفرنج الذين في داخل البحور وجزائرها، فاختلفوا واقتتلوا، وقتلت قبائل الأعراب بعضها في بعض قتالا شديدا، وكذلك وقع الخلف بين العشير من الحوارنة وقامت الحرب بينهم على ساق، وكذلك وقع الخلف بين الأمراء الظاهرية بسبب أن السلطان الملك السعيد بن الظاهر لما بعث الجيش إلى سيس أقام بعده بدمشق وأخذ في اللهو واللعب والانبساط مع الخاصكية، وتمكنوا من الأمور، وبعد عنه الأمراء الكبار، فغضبت طائفة منهم ونابذوه وفارقوه وأقاموا بطريق العساكر الذين توجهوا إلى سيس وغيرهم، فرجعت العساكر إليهم فلما اجتمعوا شعثوا قلوبهم على الملك السعيد، ووحشوا خواطر الجيش عليه، وقالوا الملك لا ينبغي له أن يلعب ويلهو، وإنما همة الملوك في العدل ومصالح المسلمين والذب عن حوزتهم، كما كان أبوه. وصدقوا فيما قالوا، فان لعب الملوك والأمراء وغيرهم دليل على زوال النعم وخراب الملك، وفساد الرعية. ثم راسله الجيش في إبعاد الخاصكية عنه ودنو ذوى الأحلام والنهى إليه كما كان أبوه، فلم يفعل، وذلك أنه كان لا يمكنه ذلك لقوة شوكة الخاصكية

<<  <  ج: ص:  >  >>