للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضَعَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْمِسْكِينِ، وَكَانَ أَهْلُهُ يَقُولُونَ لَهُ: نَحْنُ نَكْفِيكَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «مُنَاوَلَةَ الْمِسْكِينِ تَقِي مَيْتَةَ السُّوءِ» . وَأَمَّا حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ فَقَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّتُهُ مَبْسُوطَةً.

وَأَمَّا سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ الْقُرَشِيُّ أَبُو الْأَعْوَرِ الْعَدَوِيُّ

فَهُوَ أَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأُخْتُهُ عَاتِكَةُ زَوْجَةُ عُمَرَ، وَأُخْتُ عُمَرَ فَاطِمَةُ زَوْجَةُ سَعِيدٍ، أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ، وَهَاجَرَا، وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ الصَّحَابَةِ قَالَ عُرْوَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَالْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: لَمْ يشهد بدرا لأنه قد كان بعثه رسول الله هُوَ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بَيْنَ يَدَيْهِ يَتَجَسَّسَانِ أَخْبَارَ قُرَيْشٍ فَلَمْ يَرْجِعَا حَتَّى فَرَغَ من بدر، فضرب لهما رسول الله بِسَهْمِهِمَا وَأَجْرِهِمَا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ عُمَرُ فِي أَهْلِ الشُّورَى لِئَلَّا يُحَابَى بِسَبَبِ قَرَابَتِهِ مِنْ عُمَرَ فَيُوَلَّى فَتَرَكَهُ لِذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ مِمَّنْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ فِي جُمْلَةِ الْعَشَرَةِ، كَمَا صَحَّتْ بِذَلِكَ الأحاديث المتعددة الصحيحة، ولم يتول بعده وِلَايَةً، وَمَا زَالَ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ بِالْكُوفَةِ، وَقِيلَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، قَالَ الْفَلَّاسُ وَغَيْرُهُ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَقِيلَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَانَ رَجُلًا طُوَالًا أَشْعَرَ، وَقَدْ غسله سعد، وَحُمِلَ مِنَ الْعَقِيقِ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً.

وأما عبد الله أنيس بن الْجُهَنِيُّ أَبُو يَحْيَى الْمُدْنِيُّ

فَصَحَابِيٌّ جَلِيلٌ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا. وَشَهِدَ مَا بَعْدَهَا، وَكَانَ هُوَ وَمُعَاذٌ يَكْسِرَانِ أَصْنَامَ الْأَنْصَارِ، لَهُ فِي الصَّحِيحِ حَدِيثٌ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَهُوَ الَّذِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ فَقَتَلَهُ بَعُرَنَةَ وأعطاه رسول الله مِخْصَرَةً وَقَالَ: «هَذِهِ آيَةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَأَمْرَ بِهَا فَدُفِنَتْ مَعَهُ فِي أَكْفَانِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَقَالَ غَيْرُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانِينَ.

وَأَمَّا أَبُو بَكْرَةَ نفيع بن الحارث

ابن كَلَدَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِلَاجِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ فَصَحَابِيٌّ جَلِيلٌ كَبِيرُ الْقَدْرِ، وَيُقَالُ كَانَ اسْمَهُ مَسْرُوحٌ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ أَبُو بَكْرَةَ لِأَنَّهُ تَدَلَّى فِي بَكْرَةَ يَوْمَ الطَّائِفِ فأعتقه رسول الله وكل مولى فر إليهم يومئذ. وأمه سمية هي أم زياد، وكانا ممن شهد على المغيرة بالزنا هو وأخوه زياد ومعهما سهل بْنُ مَعْبَدٍ، وَنَافِعُ بْنُ الْحَارِثِ فَلَمَّا تَلَكَّأَ زِيَادٌ فِي الشَّهَادَةِ جَلَدَ عُمَرُ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِينَ ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ فَتَابُوا إِلَّا أَبَا بَكْرَةَ فَإِنَّهُ صَمَّمَ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اشْفِنِي مِنْ هَذَا الْعَبْدِ، فَنَهَرَهُ عُمَرُ وَقَالَ لَهُ:

اسْكُتْ! لَوْ كَمَلَتِ الشَّهَادَةُ لَرَجَمْتُكَ بِأَحْجَارِكَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ خَيْرَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ وكان ممن اعتزل الفتن فلم يكن في خيرهما، وَمَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ قَبْلَهَا بِسَنَةٍ، وَقِيلَ بَعْدَهَا بِسَنَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو

<<  <  ج: ص:  >  >>