للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الحمار فَقَامَ الْحِمَارُ يَنْفُضُ أُذُنَيْهِ فَأَسْرَجَهُ وَأَلْجَمَهُ، ثُمَّ رَكِبَهُ وَأَجْرَاهُ فَلَحِقَ بِأَصْحَابِهِ، فَقَالُوا لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟

قَالَ: شَأْنِي أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ حِمَارِي قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَأَنَا رَأَيْتُ الْحِمَارَ بِيعَ أَوْ يُبَاعُ فِي الْكُنَاسَةِ- يَعْنِي بِالْكُوفَةِ- قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: وَأَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ النَّخَعِيِّ، أَنَّ صَاحِبَ الْحِمَارِ رَجُلٌ مِنَ النَّخَعِ، يُقَالُ لَهُ نُبَاتَةُ بْنُ يَزِيدَ، خَرَجَ فِي زَمَنِ عُمَرَ غَازِيًا، حَتَّى إذا كان يلقى عميرة نفق حماره فذكر القصة، غير أنه قال: فباعه بعد بالكناسة فَقِيلَ لَهُ: تَبِيعُ حِمَارَكَ وَقَدْ أَحْيَاهُ اللَّهُ لَكَ؟ قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ رَهْطِهِ ثَلَاثَةَ أَبْيَاتٍ فَحَفِظْتُ هَذَا الْبَيْتَ:

وَمِنَّا الَّذِي أَحْيَا الْإِلَهُ حِمَارَهُ ... وَقَدْ مَاتَ مِنْهُ كُلُّ عُضْوٍ وَمَفْصِلِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ رِضَاعِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، مَا كَانَ مِنْ حِمَارَةِ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ وَكَيْفَ كَانَتْ تَسْبِقُ الرَّكْبَ فِي رُجُوعِهَا لَمَّا رَكِبَ مَعَهَا عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَضِيعٌ، وقد كانت أدمت بِالرَّكْبِ فِي مَسِيرِهِمْ إِلَى مَكَّةَ. وَكَذَلِكَ ظَهَرَتْ بَرَكَتُهُ عَلَيْهِمْ فِي شَارِفِهِمْ- وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي كانوا يحلبونها- وشياههم وسمنهم وَكَثْرَةِ أَلْبَانِهَا، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

قِصَّةُ أُخْرَى مَعَ قِصَّةِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ

قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ خِدَاشِ بْنِ عَجْلَانَ الْمُهَلَّبَيِّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ بشار قالا:

ثنا صالح المزي عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: عُدْنَا شَابًّا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ مَاتَ فَأَغْمَضْنَاهُ وَمَدَدْنَا عَلَيْهِ الثَّوْبَ، وَقَالَ بَعْضُنَا لِأُمِّهِ: احْتَسِبِيهِ، قَالَتْ: وَقَدْ مات؟

قُلْنَا: نَعَمْ، فَمَدَّتْ يَدَيْهَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ: اللَّهمّ إِنِّي آمَنْتُ بِكَ، وَهَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِكَ، فَإِذَا نَزَلَتْ بِي شِدَّةٌ دَعْوْتُكَ فَفَرَّجْتَهَا، فَأَسْأَلُكَ اللَّهمّ لا تَحْمِلَ عَلَيَّ هَذِهِ الْمُصِيبَةَ، قَالَ: فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى أَكَلْنَا وَأَكَلَ مَعَنَا وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَالِينِيِّ عَنِ ابْنِ عدي عن محمد ابن طاهر بن أبى الدميل عن عبد اللَّهِ بْنِ عَائِشَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرٍ المزني- أَحَدِ زُهَّادِ الْبَصْرَةِ وَعُبَّادِهَا- مَعَ لِينٍ فِي حديثه عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَفِيهِ أَنَّ أُمَّ السَّائِبِ كَانَتْ عَجُوزًا عَمْيَاءَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُرْسَلٍ- يَعْنِي فِيهِ انقطاع- عن ابن عدي وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ثَلَاثًا لَوْ كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَا تَقَاسَمَهَا الْأُمَمُ، قُلْنَا: مَا هِيَ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ: كُنَّا فِي الصُّفَّةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مُهَاجِرَةٌ وَمَعَهَا ابْنٌ لَهَا قَدْ بَلَغَ، فَأَضَافَ الْمَرْأَةَ إِلَى النِّسَاءِ وَأَضَافَ ابْنَهَا إِلَيْنَا، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ أَصَابَهُ وَبَاءُ الْمَدِينَةِ فَمَرِضَ أَيَّامًا ثُمَّ قُبِضَ، فَغَمَّضَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِجِهَازِهِ، فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نُغَسِّلَهُ قَالَ: يَا أَنَسُ ائْتِ أُمَّهُ فَأَعْلِمْهَا، فَأَعْلَمْتُهَا، قَالَ: فَجَاءَتْ حَتَّى جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ فأخذت بهما ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>