للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليوم وأنت مسئول عنهم غدا، وفي رواية وهم خصماؤك يوم القيامة، فبكى سليمان وقال: بالله نستعين.

وتقدم أنهم لما أصابهم ذلك المطر والرعد فزع سليمان وضحك عمر فقال له: أتضحك؟ فقال: نعم هذه آثار رحمته ونحن في هذه الحال، فكيف بآثار غضبه وعقابه ونحن في تلك الحال؟ وذكر الامام مالك أن سليمان وعمر تقاولا مرة فقال له سليمان في جملة الكلام: كذبت، فقال: تقول كذبت؟ والله ما كذبت منذ عرفت أن الكذب يضر أهله، ثم هجره عمر وعزم على الرحيل إلى مصر، فلم يمكنه سليمان، ثم بعث إليه فصالحه وقال له: ما عرض لي أمر يهمني إلا خطرت على بالي. وقد ذكرنا أنه لما حضرته الوفاة أوصى بالأمر من بعده إلى عمر بن عبد العزيز فانتظم الأمر على ذلك ولله الحمد.

[فصل]

وقد كان منتظرا فيما يؤثر من الأخبار قال أبو داود الطيالسي: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبى سلمة الماجشون ثنا عبد الله ابن دينار قال قال ابن عمر: يا عجبا!! يزعم الناس أن الدنيا لا تنقضي حتى يلي رجل من آل عمر يعمل بمثل عمل عمر، قال: وكانوا يرونه بلال بن عبد الله بن عمر، قال: وكان بوجهه أثر، فلم يكن هو، وإذا هو عمر بن عبد العزيز، وأمه ابنة عاصم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. وقال البيهقي:

أنبأ الحاكم أنبأ أبو حامد بن على المقري ثنا أبو عيسى الترمذي ثنا أحمد بن إبراهيم ثنا عفان ثنا عثمان بن عبد الحميد بن لاحق عن جويرية بن أسماء عن نافع. قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب قال:

إن من ولدى رجلا بوجهه شجان يلي فيملأ الأرض عدلا. قال نافع من قبله: ولا أحسبه إلا عمر ابن عبد العزيز. ورواه مبارك بن فضالة عن عبيد الله عن نافع. وقال: كان ابن عمر يقول: ليت شعرى من هذا الّذي من ولد عمر في وجهه علامة يملأ الأرض عدلا؟ قال وهيب بن الورد: بينما أنا نائم رأيت كأن رجلا دخل من باب بنى شيبة وهو يقول: يا أيها الناس! ولى عليكم كتاب الله.

فقلت: من؟ فأشار إلى ظفره فإذا مكتوب عليه ع م ر، قال فجاءت بيعة عمر بن عبد العزيز.

وقال بقية عن عيسى بن أبى رزين حدثني الخزاعي عن عمر بن عبد العزيز أنه رأى رسول الله في روضة خضراء فقال له: «إنك ستلي أمر أمتى فزع عن الدم فزع عن الدم (١)، فان اسمك في الناس عمر بن عبد العزيز، واسمك عند الله جابر». وقال أبو بكر بن المقري: ثنا أبو عروبة الحسين بن محمد بن مودود الحراني ثنا أيوب بن محمد الوزان ثنا ضمرة بن ربيعة ثنا السري بن يحيى عن رياح بن عبيدة. قال: خرج عمر بن عبد العزيز إلى الصلاة وشيخ متوكئ على يده، فقلت في نفسي: إن


(١) وزعه يزعه فاتّزع، أي كفّ عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>