عن بعض ما فيه نصرة للخليفة، فلم يردوا عليه، واستهانوا به، وأمر بضرب أعناقهم - وكانوا قريبا من عشرين رجلا ومثلهم من مواليهم - فاستعدى بنو عبد الدار على خازم بن خزيمة، إلى السفاح، وقالوا: قتل هؤلاء بلا ذنب، فهمّ السفاح بقتله فأشار عليه بعض الأمراء بأن لا يقتله ولكن ليبعثه مبعثا صعبا، فان سلم فذاك، وإن قتل كان الّذي أراد. فبعثه إلى عمان وكان بها طائفة من الخوارج قد تمردوا وجهز معه سبعمائة رجل، وكتب إلى عمه سليمان بالبصرة أن يحملهم في السفن إلى عمان ففعل، فقاتل الخوارج فكسرهم وقهرهم واستحوذ على ما هناك من البلاد، وقتل أمير الخوارج الصفرية وهو الجلندي، وقتل من أصحابه وأنصاره نحوا من عشرة آلاف، وبعث برءوسهم إلى البصرة، فبعث بها نائب البصرة إلى الخليفة. ثم بعد أشهر كتب إليه السفاح أن يرجع فرجع سالما غانما منصورا.
وفيها غزا أبو مسلم بلاد الصغد وغزا أبو داود أحد نواب أبى مسلم بلاد كش، فقتل خلقا كثيرا وغنم من الأواني الصينية المنقوشة بالذهب شيئا كثيرا جدا. وفيها بعث السفاح موسى ابن كعب إلى منصور بن جمهور وهو بالهند في اثنى عشر ألفا، فالتقاه موسى بن كعب وهو في ثلاثة آلاف فهزمه واستباح عسكره. وفيها مات عامل اليمن محمد بن يزيد بن عبد الله بن عبد الدار، فاستخلف السفاح عليها عمه، وهو خال الخليفة. وفيها تحول السفاح من الحيرة إلى الأنبار.
وحج بالناس نائب الكوفة عيسى بن موسى، ونواب الأقاليم هم هم. وفيها توفى من الأعيان أبو هارون العبديّ، وعمارة بن جوين، ويزيد بن يزيد بن جابر الدمشقيّ والله أعلم.
[ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ومائة]
فيها خرج زياد بن صالح من وراء نهر بلخ على أبى مسلم فأظفره الله بهم فبدد شملهم واستقر أمره بتلك النواحي. وحج بالناس فيها سليمان بن على نائب البصرة. والنواب هم المذكورون قبلها.
وممن توفى فيها من الأعيان: يزيد بن سنان، وأبو عقيل زهرة بن معبد، وعطاء الخراساني] (١)
[ثم دخلت سنة ست وثلاثين ومائة]
فيها قدم أبو مسلم من خراسان على السفاح، وذلك بعد استئذانه الخليفة في القدوم عليه، فكتب إليه أن يقدم في خمسمائة من الجند، فكتب إليه: إني قد وترت الناس، وإن أخشى من قلة الخمسمائة. فكتب إليه أن يقدم في ألف، فقدم في ثمانية آلاف، فرقهم وأخذ معه من الأموال والتحف والهدايا شيئا كثيرا. ولما قدم لم يكن معه سوى ألف من الجند، فتلقاه القواد والأمراء إلى مسافة بعيدة. ولما دخل على السفاح أكرمه وعظمه واحترمه وأنزله قريبا منه، وكان يأتى إلى