وَفِيهَا قَدِمَ جَمَاعَةٌ مِنْ دُعَاةِ بَنِي الْعَبَّاسِ مِنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ قَاصِدِينَ إِلَى مَكَّةَ فَمَرُّوا بِالْكُوفَةِ فَبَلَغَهُمْ أَنَّ فِي السِّجْنِ جَمَاعَةً مِنَ الأمراء من نواب خالد الْقَسْرِيِّ، قَدْ حَبَسَهُمْ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ، فَاجْتَمَعُوا بِهِمْ فِي السِّجْنِ فَدَعَوْهُمْ إِلَى الْبَيْعَةِ لِبَنِي الْعَبَّاسِ، وَإِذَا عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ جَانِبٌ كَبِيرٌ، فَقَبِلُوا مِنْهُمْ وَوَجَدُوا عِنْدَهُمْ فِي السِّجْنِ أَبَا مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيَّ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ غُلَامٌ يَخْدِمُ عيسى بن مقبل الْعِجْلِيَّ، وَكَانَ مَحْبُوسًا فَأَعْجَبَهُمْ شَهَامَتُهُ وَقُوَّتُهُ وَاسْتِجَابَتُهُ مع مولاه إلى هذا الأمر، فاشتراه بكر بْنُ مَاهَانَ مِنْهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَرَجُوا بِهِ مَعَهُمْ فَاسْتَنْدَبُوهُ لِهَذَا الْأَمْرِ، فَكَانُوا لَا يُوَجِّهُونَهُ إِلَى مَكَانٍ إِلَّا ذَهَبَ وَنَتَجَ مَا يُوَجِّهُونَهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا سَنَذْكُرُهُ إن شاء الله تعالى فيما بعد. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَمَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ دُعَاةُ بَنِي الْعَبَّاسِ، فَقَامَ مَقَامَهُ وَلَدُهُ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّفَّاحُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِنَّمَا تُوُفِّيَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا. قَالَ الواقدي وأبو معشر: وحج بِالنَّاسِ فِيهَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ عبد الملك، ومعه امرأته أم مسلم بن هشام بن عبد الملك، وقيل إنما حَجَّ بِالنَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قاله الواقدي، والأول ذكره ابن جرير والله أعلم. وكان نائب الحجاز مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ يَقِفُ عَلَى باب أم مسلم وَيَهْدِي إِلَيْهَا الْأَلْطَافَ وَالتُّحَفَ وَيَعْتَذِرُ إِلَيْهَا مِنَ التَّقْصِيرِ، وَهِيَ لَا تَلْتَفِتُ إِلَى ذَلِكَ، وَنُوَّابُ الْبِلَادِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ:
الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ [١]
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَكِّيُّ الْقَارِئُ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ، رَوَى عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، وَعَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَوَثَّقَهُ الْأَئِمَّةُ. توفى في هذه السنة في الصَّحِيحِ، وَقِيلَ بَعْدَهَا بِسَنَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ فاللَّه أَعْلَمُ.
الزُّهْرِيُّ
مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ، أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ أَحَدُ الْأَعْلَامِ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ، سَمِعَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ.
رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَصَابَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ جَهْدٌ شَدِيدٌ فَارْتَحَلْتُ إِلَى دِمَشْقَ، وَكَانَ عِنْدِي عِيَالٌ كَثِيرَةٌ، فَجِئْتُ جَامِعَهَا فَجَلَسْتُ فِي أَعْظَمِ حَلْقَةٍ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ خَرَجَ مِنْ عند أمير المؤمنين عبد الملك، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَسْأَلَةٌ- وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِيهَا شَيْئًا وَقَدْ شَذَّ عَنْهُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ يَرْوِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- فَقُلْتُ: إِنِّي أَحْفَظُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ،: فَأَخَذَنِي فَأَدْخَلَنِي عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ: فَسَأَلَنِي مِمَّنْ أَنْتَ؟
فَانْتَسَبْتُ لَهُ، وَذَكَرْتُ لَهُ حَاجَتِي وَعِيَالِي، فَسَأَلَنِي هَلْ تَحْفَظُ الْقُرْآنَ؟ قلت: نعم والفرائض والسنن،
[١] في نسخة القسطنطينية: القاسم بن أبى يسرة. وفي المصرية: القاسم بن مرة. وصححناه من تذهيب الصفي الخزرجي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute