وقد استقبل مولانا السلطان الملك الناصر غضة جديدة، والعزمة ماضية حديدة، والنشاط إلى الجهاد، والتوبة لرب العباد، والجنة مبسوطة البساط، وقد انقضى الحساب وجزنا الصراط، وعرضنا نحن على الأهوال التي من خوفها كاد الجمل يلج بسم الخياط. ثم ركب السلطان من حران بعد العافية فدخل حلب، ثم ركب فدخل دمشق، وقد تكاملت عافيته، وقد كان يوما مشهودا.
[وفيها توفى من الأعيان]
الفقيه مهذب الدين.
[عبد الله بن أسعد الموصلي]
مدرس حمص، وكان بارعا في فنون، ولا سيما في الشعر والأدب، وقد أثنى عليه العماد، والشيخ شهاب الدين أبو شامة.
[الأمير ناصر الدين محمد بن شيركوه]
صاحب حمص والرحبة، وهو ابن عم صلاح الدين، وزوج أخته ست الشام بنت أيوب، توفى بحمص فنقلته زوجته إلى تربتها بالشامية البرانية، وقبره الأوسط بينها وبين أخيها المعظم توران شاه صاحب اليمن، وقد خلف من الأموال والذخائر شيئا كثيرا، ينيف على ألف ألف دينار توفى يوم عرفة فجأة فولى بعده مملكة حمص ولده أسد الدين شيركوه بأمر صلاح الدين.
[المحمودي بن محمد بن على بن إسماعيل]
ابن عبد الرحيم الشيخ جمال الدين أبو الثناء محمودي بن الصابوني، كان أحد الأئمة المشهورين، وإنما يقال له المحمودي لصحبة جده السلطان محمود بن زنكي، فأكرمه ثم سار إلى مصر فنزلها، وكان صلاح الدين يكرمه، وأوقف عليه وعلى ذريته أرضا، فهي لهم إلى الآن.
[الأمير الكبير سعد الدين مسعود]
ابن معين الدين، كان من كبار الأمراء أيام نور الدين وصلاح الدين، وهو أخو الست خاتون وحين تزوجها صلاح الدين زوجه بأخته الست ربيعة خاتون بنت أيوب، التي تنسب إليها المدرسة الصاحبية بسفح قيسون على الحنابلة، وقد تأخرت مدتها فتوفيت في سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وكانت آخر من بقي من أولاد أيوب لصلبه، وكانت وفاته بدمشق في جمادى الآخرة من جرح أصابه وهو في حصار ميافارقين.
[الست خاتون عصمت الدين]
بنت معين الدين، نائب دمشق، وأتابك عساكرها قبل نور الدين كما تقدم، وقد كانت زوجة نور الدين ثم خلف عليها من بعده صلاح الدين في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وكانت من أحسن النساء وأعفهن وأكبرهن صدقة، وهي واقفة الخاتونية الجوانية بمحلة حجر الذهب،