استهلت والخليفة الحاكم العباسي وسلطان البلاد المنصور لاجين ونائبة بمصر مملوكه سيف الدين منكوتمر، وقاضى الشافعية الشيخ تقى الدين بن دقيق العبد، والحنفي حسام الدين الرازيّ، والمالكي والحنبلي كما تقدم. ونائب الشام سيف الدين قبجق المنصوري، وقضاة الشام هم المذكورون في التي قبلها، والوزير تقى الدين توبة، والخطيب بدر الدين بن جماعة.
ولما كان في أثناء المحرم رجعت طائفة من الجيش من بلاد سيس بسبب المرض الّذي أصاب بعضهم، فجاء كتاب السلطان بالعتب الأكيد والوعيد الشديد لهم، وأن الجيش يخرج جميعه صحبة نائب السلطنة قبجق إلى هناك ونصب مشانق لمن تأخر بعذر أو غيره، فخرج نائب السلطنة الأمير سيف الدين قبجق وصحبته الجيوش وخرج أهل البلد للفرجة على الأطلاب على ما جرت به العادة، فبرز نائب السلطنة في أبهة عظيمة فدعت له العامة وكانوا يحبونه، واستمر الجيش سائرين قاصدين بلاد سيس، فلما وصلوا إلى حمص بلغ الأمير سيف الدين قبجق وجماعة من الأمراء أن السلطان قد تغلت خاطره بسبب سعى منكوتمر فيهم، وعلموا أن السلطان لا يخالفه لمحبته له، فاتفق جماعة منهم على الدخول إلى بلاد التتر والنجاة بأنفسهم، فساقوا من حمص فيمن أطاعهم، وهم قبجق وبزلى وبكتمر السلحدار والأيلي، واستمروا ذاهبين. فرجع كثير من الجيش إلى دمشق، وتخبطت الأمور وتأسفت العوام على قبجق لحسن سيرته، وذلك في ربيع الآخر من هذه السنة ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾.