آلاف وأسر من ذراريهم نحوا من خمسين ألفا، وأسلم بعض البطارقة وصحبته نحو من مائتي أسير كانوا في حبسه من المسلمين، فأرسل ملك الروم جيشا في طلب ذلك البطريق، فركب في جماعة من المسلمين فكبس جيش الروم فقتل منهم مقتلة عظيمة وغنم منهم غنيمة كثيرة جدا، ولما قدم على الخليفة أكرمه وأحسن إليه وأعطاه ما تمناه عليه. وفيها ظهر بالشام رجل فادعى أنه السفياني فأخذ وبعث به إلى بغداد فادعى أنه موسوس فترك. وحج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي.
وفيها توفى من الأعيان الحسين بن محمد بن حاتم بن يزيد بن على بن مروان أبو على المعروف بعبيد العجليّ، كان حافظا مكثرا متقنا مقدما في حفظ المسندات، توفى في صفر منها.
صالح بن محمد بن عمرو بن حبيب أبو على الأسدي - أسد خزيمة - المعروف بحرزة لأنه قرأ على بعض المشايخ كانت له خرزة يرقأ بها المريض فقرأها هو حرزة تصحيفا منه فغلب عليه ذلك فلقب به، وقد كان حافظا مكثرا جوالا رحالا، طاف الشام ومصر وخراسان، وسكن بغداد ثم انتقل منها إلى بخارى فسكنها، وكان ثقة صدوقا أمينا، وله رواية كثيرة عن يحيى بن معين، وسؤالات كثيرة كان مولده بالرقة سنة عشر ومائتين.
[وتوفى في هذه السنة]
محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الله بن على بن عبد الله بن عباس المعروف بالبياضي لأنه حضر مجلس الخليفة وعليه ثياب البياض، فقال الخليفة: من ذاك البياضي؟ فعرف به. وكان ثقة، روى عن ابن الأنباري وابن مقسم. قتلته القرامطة في هذه السنة.
محمد بن الامام إسحاق بن راهويه، سمع أباه وأحمد بن حنبل وغيرهما، وكان عالما بالفقه والحديث، جميل الطريقة حميد السيرة قتلته القرامطة في هذه السنة في جملة من قتلوا من الحجيج.
[محمد بن نصر أبو عبد الله المروزي أحد أئمة الفقهاء]
ولد ببغداد ونشأ بنيسابور واستوطن سمرقند، وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة الإسلام، وكان عالما بالأحكام، وقد رحل إلى الآفاق وسمع من المشايخ الكثير النافع وصنف الكتب المفيدة الحافلة النافعة، وكان من أحسن الناس صلاة وأكثرهم خشوعا فيها، وقد صنف كتابا عظيما في الصلاة. وقد روى الخطيب عنه أنه قال: خرجت من مصر قاصدا مكة فركبت البحر ومعى جارية فغرقت السفينة فذهب لي في الماء ألفا جزء وسلمت أنا والجارية فلجأنا إلى جزيرة فطلبنا بها ماء فلم نجد، فوضعت رأسي على فخذ الجارية ويئست من الحياة، فبينا أنا كذلك إذا رجل قد أقبل وفي يده كوز فقال: هاه، فأخذته فشربت منه وسقيت الجارية ثم ذهب فلم أدر من أين أقبل ولا إلى أين ذهب. ثم إن الله سبحانه أغاثنا فنجانا من ذلك الغم. وقد كان من أكرم الناس وأسخاهم نفسا. وكان إسماعيل بن أحمد يصله في كل سنة بأربعة آلاف، ويصله أخوه إسحاق بن