للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حلف لا يغبن، فقال له حتى تحنثه. قال: وعملت مرة مجلسا بيعقوبا فجعل هذا يقول عندي للشيخ نصفية وهذا يقول عندي للشيخ نصفية وهذا يقول مثله حتى عدوا نحوا من خمسين نصفية، فقلت في نفسي: استغنيت الليلة فأرجع إلى البلد تاجرا، فلما أصبحت إذا صبرة من شعير في المسجد فقيل لي هذه النصافى التي ذكر الجماعة، وإذا هي بكيلة يسمونها نصفية مثل الزبدية، وعملت مرة مجلسا بباصرا فجمعوا لي شيئا لا أدرى ما هو، فلما أصبحنا إذا شيء من صوف الجواميس وقرونها، فقام رجل ينادى عليكم عندكم في قرون الشيخ وصوفه، فقلت لا حاجة لي بهذا وأنتم في حل منه.

ذكره أبو شامة

[ثم دخلت سنة ثمان وستمائة]

استهلت والعادل مقيم على الطور لعمارة حصنه، وجاءت الأخبار من بلاد المغرب بأن عبد المؤمن قد كسر الفرنج بطليطلة كسرة عظيمة، وربما فتح البلد عنوة وقتل منهم خلقا كثيرا.

وفيها كانت زلزلة عظيمة شديدة بمصر والقاهرة، هدمت منها دورا كثيرة، وكذلك بالكرك والشوبك هدمت من قلعتها أبراجا، ومات خلق كثير من الصبيان والنسوان تحت الهدم، ورئي دخان نازل من السماء فيما بين المغرب والعشاء عند قبر عاتكة غربي دمشق. وفيها أظهرت الباطنية الإسلام وأقامت الحدود على من تعاطى الحرام، وبنوا الجوامع والمساجد، وكتبوا إلى إخوانهم بالشام بمضات وأمثالها بذلك، وكتب زعيمهم جلال الدين إلى الخليفة يعلمه بذلك، وقدمت أمة منهم إلى بغداد لأجل الحج فأكرموا وعظموا بسبب ذلك، ولكن لما كانوا بعرفات ظفر واحد منهم على قريب لأمير مكة قتادة الحسيني فقتله ظانا أنه قتادة فثارت فتنة بين سودان مكة وركب العراق، ونهب الركب وقتل منهم خلق كثير. وفيها اشترى الملك الأشرف جوسق الريس من النيرب من ابن عم الظاهر حضر بن صلاح الدين وبناه بناء حسنا، وهو المسمى بزماننا بالدهشة.

[وفيها توفى من الأعيان.]

[الشيخ عماد الدين]

محمد بن يونس الفقيه الشافعيّ الموصلي صاحب التصانيف والفنون الكثيرة، كان رئيس الشافعية بالموصل، وبعث رسولا إلى بغداد بعد موت نور الدين أرسلان، وكان عنده وسوسة كثيرة في الطهارة، وكان يعامل في الأموال بمسألة العينة كما قيل تصفون البعوض من شرابكم وتستر بطون الجمال بأحمالها، ولو عكس الأمر لكان خيرا له، فلقيه يوما قضيب البان الموكه فقال له: يا شيخ بلغني عنك أنك تغسل العضو من أعضائك بابريق من الماء فلم لا تغسل اللقمة التي تأكلها لتستنظف قلبك وباطنك؟ ففهم الشيخ ما أراد فترك ذلك. توفى بالموصل في رجب عن ثلاث وسبعين سنة.

[ابن حمدون تاج الدين]

أبو سعد الحسن بن محمد بن حمدون، صاحب التذكرة الحمدونية، كان فاضلا بارعا، اعتنى بجمع

<<  <  ج: ص:  >  >>