للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِسَابٌ؟ فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَصْبِرَنَّ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ، ثُمَّ قَالَتْ: إِنِّي أَخَافُ الْخَبِيثَ أن يجردنى، فدعا لها، وكانت إذا أحست أن يأتيها تأتى أستار الكعبة فتتعلق بِهَا وَتَقُولُ لَهُ: اخْسَأْ، فَيَذْهَبُ عَنْهَا وَهَذَا دليل على أن فرقد قَدْ حَفِظَ، فَإِنَّ هَذَا لَهُ شَاهَدٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بَلَى، قَالَ:

هَذِهِ السَّوْدَاءُ أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ وأنكشف فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يعافيك، قالت: لا بل أصبر، فادع الله أن لا أنكشف، قَالَ: فَدَعَا لَهَا فَكَانَتْ لَا تَنْكَشِفُ ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا مَخْلَدٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى أم زفر- امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ سَوْدَاءُ- عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ وَذَكَرَ الحافظ ابن الأثير في كتاب أسد الْغَابَةِ فِي أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ، أَنَّ أُمَّ زُفَرَ هَذِهِ كَانَتْ مَاشِطَةً لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَأَنَّهَا عُمِّرَتْ حَتَّى رَآهَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا إِبْرَاءُ عِيسَى الْأَكْمَهَ وَهُوَ الَّذِي يُولَدُ أَعْمَى، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ فِي النَّهَارِ وَيُبْصِرُ فِي اللَّيْلِ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ، وَالْأَبْرَصُ الَّذِي بِهِ بَهَقٌ، فَقَدْ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ عَيْنَ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ إِلَى مَوْضِعِهَا بَعْدَ مَا سَالَتْ عَلَى خَدِّهِ، فَأَخَذَهَا فِي كفه الكريم وأعادها إلى مقرها فاستمرت بحالها وَبَصَرِهَا، وَكَانَتْ أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كما ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارَ فِي السِّيرَةِ وَغَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ بَسَطْنَاهُ ثَمَّ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَقَدْ دَخَلَ بَعْضُ وَلَدِهِ وَهُوَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَسَأَلَ عَنْهُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

أَنَا ابْنُ الَّذِي سَالَتْ عَلَى الْخَدِّ عَيْنُهُ ... فَرَدَّتْ بِكَفِّ الْمُصْطَفَى أَحْسَنَ الرَّدِّ

فَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ لِأَوَّلِ أَمْرِهَا ... فَيَا حُسْنَ مَا عَيْنٍ وَيَا حَسَنَ مَا خَدِّ

فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ:

تِلْكَ الْمَكَارِمُ لَا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ ... شِيبَا بِمَاءٍ فَعَادَا بَعْدُ أَبْوَالَا

ثُمَّ أَجَازَهُ فَأَحْسَنَ جائزته وقد روى الدار قطنى أَنَّ عَيْنَيْهِ أُصِيبَتَا مَعًا حَتَّى سَالَتَا عَلَى خَدَّيْهِ، فَرَدَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَانِهِمَا. وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ كَمَا ذَكَرَ ابن إسحاق.

قِصَّةُ الْأَعْمَى الَّذِي رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ بِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت يحدث عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يُعَافِيَنِي، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ ذَلِكَ فهو أفضل لآخرتك، وإن شئت دعوت: قال: بَلِ ادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَوَضَّأَ ويصلّى رَكْعَتَيْنِ وَأَنْ يَدْعُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>