وهي ابنة جعفر أم العزيز الملقبة زبيدة بنت جعفر بن المنصور العباسية الهاشمية القرشية، كانت أحب الناس إلى الرشيد، وكانت ذات حسن باهر وجمال طاهر، وكان له معها من الحظايا والجواري والزوجات غيرها كثيرا كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ، وَإِنَّمَا لُقِّبَتْ زُبَيْدَةَ لِأَنَّ جَدَّهَا أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ كَانَ يُلَاعِبُهَا وَيُرَقِّصُهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَيَقُولُ: إِنَّمَا أَنْتِ زُبَيْدَةُ، لِبَيَاضِهَا، فَغَلَبَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَلَا تُعْرَفُ إلا به، وأصل اسمها أم العزيز. وكان لها من الجمال والمال والخير والديانة والصدقة والبر شَيْءٌ كَثِيرٌ.
ثُمَّ قَالَ الْخَطِيبُ: حَدَّثَنِى الْحُسَيْنُ بن محمد الخلال لفظا قال: وحدث أبا الفتح القواس قال ثنا صَدَقَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْمَوْصِلِيُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ قَالَ عَبْدُ الله بن المبارك: رَأَيْتُ زُبَيْدَةَ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَتْ غَفَرَ لِي فِي أَوَّلِ مِعْوَلٍ ضُرِبَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ. قُلْتُ: فَمَا هذه الصفرة؟ قلت: دُفِنَ بَيْنَ ظَهْرَانِينَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ زَفَرَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ زَفْرَةً فَاقْشَعَرَّ لَهَا جَسَدِي فَهَذِهِ الصُّفْرَةُ مِنْ تِلْكَ الزَّفْرَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ خِلِّكَانَ أَنَّهُ كَانَ لَهَا مِائَةُ جَارِيَةٍ كلهن يحفظن القرآن العظيم، غير من قرأ منه ما قدر له وغير من لم يقرأ، وَكَانَ يُسْمَعُ لَهُنَّ فِي الْقَصْرِ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النحل، وكان ورد كل واحدة عشر القرآن، وورد أنها رئيت في المنام فسئلت عما كانت تصنعه من المعروف والصدقات وما عملته في طريق الحج فقالت: ذهب ثواب ذلك كله إلى أهله، وما نفعنا إلا ركعات كنت أركعهن في السحر. وفيها جرت حوادث وأمور يطول ذكرها.