للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وفيها توفى من الأعيان.]

[السلطان ألب أرسلان]

الملقب بسلطان العالم، ابن داود جغري بك، بن ميكائيل بن سلجوق التركي، صاحب الممالك المتسعة، ملك بعد عمه طغرلبك سبع سنين وستة أشهر وأياما، وكان عادلا يسير في الناس سيرة حسنة، كريما رحيما، شفوقا على الرعية، رفيقا على الفقراء، بارا بأهله وأصحابه ومماليكه، كثير الدعاء بدوام النعم به عليه، كثير الصدقات، يتفقد الفقراء، في كل رمضان بخمسة عشر ألف دينار، ولا يعرف في زمانه جناية ولا مصادرة، بل كان يقنع من الرعية بالخراج في قسطين، رفقا بهم. كتب إليه بعض السعاة في نظام الملك وزيره وذكر ماله في ممالكه فاستدعاه فقال له: خذ إن كان هذا صحيحا فهذب أخلاقك وأصلح أحوالك، وإن كذبوا فاغفر له زلته، وكان شديد الحرص على حفظ مال الرعايا، بلغه أن غلاما من غلمانه أخذ إزارا لبعض أصحابه فصلبه فارتدع سائر المماليك به خوفا من سطوته، وترك من الأولاد ملك شاه وأياز ونكشر وبورى برس وأرسلان وارغو وسارة وعائشة وبنتا أخرى، توفى في هذه السنة عن إحدى وأربعين سنة، ودفن عند والده بالري .

[أبو القاسم القشيري]

صاحب الرسالة، عبد الكريم بن هوازن بن عبد المطلب بن طلحة، أبو القاسم القشيري، وأمه من بنى سليم، توفى أبوه وهو طفل فقرأ الأدب والعربية، وصحب الشيخ أبا على الدقاق، وأخذ الفقه عن أبى بكر بن محمد الطوسي، وأخذ الكلام عن أبى بكر بن فورك وصنف الكثير، وله التفسير والرسالة التي ترجم فيها جماعة من المشايخ الصالحين، وحج صحبة إمام الحرمين وأبى بكر البيهقي، وكان يعظ الناس، توفى بنيسابور في هذه السنة عن سبعين سنة، ودفن إلى جانب شيخه أبى على الدقاق، ولم يدخل أحد من أهله بيت كتبه إلا بعد سنين، احتراما له، وكان له فرس يركبها قد أهديت له، فلما توفى لم تأكل علفا حتى نفقت بعده بيسير فماتت، ذكره ابن الجوزي، وقد أثنى عليه ابن خلكان ثناء كثيرا، وذكر شيئا من شعره من ذلك قوله:

سقى الله وقتا كنت أخلو بوجهكم … وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك

أقمنا زمانا والعيون قريرة … وأصبحت يوما والجفون سوافك

وقوله

لو كنت ساعة بيننا ما بيننا … وشهدت حين فراقنا التوديعا

أيقنت أن من الدموع محدثا … وعلمت أن من الحديث دموعا

وقوله

ومن كان في طول الهوى ذاق سلوة … فانى من ليلى لها غير ذائق

وأكثر شيء نلته من وصالها … أمانى لم تصدق كخطفة بارق

<<  <  ج: ص:  >  >>