حجتك وخذ الحلواء فأطعمها صبيانك. ولما توفى خرج أهل مصر في جنازته تعظيما له وإكراما لشأنه.
وفيها توفى محمد بن عقيل البلخي. وأبو بكر بن أبى داود السجستاني الحافظ بن الحافظ. وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الأسفراييني، صاحب الصحيح المستخرج على مسلم، وقد كان من الحفاظ المكثرين، والأئمة المشهورين. ونصر الحاجب، كان من خيار الأمراء، دينار عاقلا، أنفق من ماله في حرب القرامطة مائة ألف دينار. وخرج بنفسه محتسبا فمات في أثناء الطريق في هذه السنة. وكان حاجبا للخليفة المقتدر.
[ثم دخلت سنة سبع عشرة وثلاثمائة]
فيها كان خلع المقتدر وتولية القاهر محمد بن المعتضد بالله: في المحرم منها اشتدت الوحشة بين مؤنس الخادم والمقتدر بالله، وتفاهم الحال وآل إلى أن اجتمعوا على خلع المقتدر وتولية القاهر محمد ابن المعتضد، فبايعوه بالخلافة وسلموا عليه بها، ولقبوه القاهر بالله. وذلك ليلة السبت النصف من المحرم، وقلد على بن مقلة وزارته، ونهبت دار المقتدر، وأخذوا منها شيئا كثيرا جدا، وأخذوا لأم المقتدر خمسمائة ألف دينار - وكانت قد دفنتها في قبر في تربتها - فحملت إلى بيت المال، وأخرج المقتدر وأمه وخالته وخواصه وجواريه من دار الخلافة، ذلك بعد محاصرة دار الخلافة، وهرب من كان بها من الحجبة والخدم، وولى نازوك الحجوبة مضافا إلى ما بيده من الشرطة، وألزم المقتدر بأن كتب على نفسه كتابا بالخلع من الخلافة وأشهد على نفسه بذلك جماعة من الأمراء والأعيان، وسلم الكتاب إلى القاضي أبى عمر محمد بن يوسف، فقال لولده الحسين: احتفظ بهذا الكتاب فلا يرينه أحد من خلق الله. ولما أعيد المقتدر إلى الخلافة بعد يومين رده إليه، فشكره على ذلك جدا وولاه قضاء القضاة. فلما كان يوم الأحد السادس عشر من المحرم جلس القاهر بالله في منصب الخلافة، وجلس بين يديه الوزير أبو على بن مقلة، وكتب إلى العمال بالآفاق يخبرهم بولاية القاهر بالخلافة عوضا عن المقتدر، وأطلق على بن عيسى من السجن، وزاد في أقطاع جماعة من الأمراء الذين قاموا بنصره، منهم أبو الهيجاء بن حمدان. فلما كان يوم الاثنين جاء الجند وطلبوا أرزاقهم وشغبوا، وبادروا إلى نازوك فقتلوه، وكان مخمورا، ثم صلبوه. وهرب الوزير ابن مقلة، وهرب الحجاب ونادوا يا مقتدر يا منصور، ولم يكن مؤنس يومئذ حاضرا، وجاء الجند إلى باب مؤنس يطالبونه بالمقتدر، فأغلق بابه دونهم وجاحف دونه خدمه. فلما رأى مؤنس أنه لا بد من تسليم المقتدر إليهم أمره بالخروج، فخاف المقتدر أن يكون حيلة عليه، ثم تجاسر فخرج فحمله الرجال على أعناقهم حتى أدخلوه دار الخلافة، فسأل عن أخيه القاهر وأبى الهيجاء بن حمدان ليكتب لهما أمانا، فما كان عن قريب حتى جاءه خادم ومعه رأس أبى الهيجاء قد احترز رأسه وأخرجه من بين كتفيه، ثم