فقول أم المؤمنين عائشة. أول ما بدئ به من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، يقوى ما
ذكره محمد بن إسحاق بن يسار عن عبيد بن عمر الليثي أن النبي ﷺ قال:«فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب. فقال: اقرأ، فقلت ما أقرأ؟ فغتني، حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلنى» وذكر نحو حديث عائشة سواء، فكان هذا كالتوطئة لما يأتى بعده من اليقظة، وقد جاء مصرّحا بهذا في مغازي موسى بن عقبة عن الزهري أنه رأى ذلك في المنام ثم جاءه الملك في اليقظة.
وقد قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني: في كتابه دلائل النبوة حدثنا محمد بن احمد بن الحسن حدثنا محمد بن عثمان بن أبى شيبة حدثنا جناب بن الحارث حدثنا عبد الله بن الأجلح عن إبراهيم عن علقمة بن قيس. قال: إن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم ثم ينزل الوحي بعد وهذا من قبل علقمة بن قيس نفسه وهو كلام حسن يؤيده ما قبله ويؤيده ما بعده.
[ذكر عمره ﵊ وقت بعثته وتاريخها]
قال الامام احمد حدثنا محمد بن أبى عدي عن داود بن أبى هند عن عامر الشّعبي أن رسول الله ﷺ نزلت عليه النبوة وهو ابن أربعين سنة، فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين، فكان يعلّمه الكلمة والشيء، ولم ينزل القرآن، فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوته جبريل فنزل القرآن على لسانه عشرين سنة عشرا بمكة وعشرا بالمدينة. فمات وهو ابن ثلاث وستين سنة. فهذا اسناد صحيح إلى الشعبي وهو يقتضي أن إسرافيل قرن معه بعد الأربعين ثلاث سنين ثم جاءه جبريل.
وأما الشيخ شهاب الدين أبو شامة فإنه قد قال: وحديث عائشة لا ينافي هذا فإنه يجوز أن يكون أول أمره الرؤيا. ثم وكل به إسرافيل في تلك المدة التي كان يخلو فيها بحراء فكان يلقى اليه الكلمة بسرعة ولا يقيم معه تدريجا له وتمرينا إلى أن جاءه جبريل. فعلمه بعد ما غطّه ثلاث مرات، فحكت عائشة ما جرى له مع جبريل ولم تحك ما جرى له مع إسرافيل اختصارا للحديث، أو لم تكن وقفت على قصة إسرافيل.
وقال الامام احمد حدثنا يحيي بن هشام عن عكرمة عن ابن عباس أنزل على النبي ﷺ وهو ابن ثلاث وأربعين فمكث بمكة عشرا وبالمدينة عشرا. ومات وهو ابن ثلاث وستين، وهكذا روى يحيى بن سعيد وسعيد بن المسيب ثم روى احمد عن غندر ويزيد بن هارون كلاهما عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس قال: بعث رسول الله ﷺ وأنزل عليه القرآن، وهو ابن أربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشر سنين. ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة. وقال الامام