الفقيه الشافعيّ، تلميذ ابن سريج، له كتاب التلخيص وكتاب المفتاح، وهو مختصر شرحه أبو عبد الله الحسين، وأبو عبد الله السنجى أيضا، وكان أبوه يقص على الناس الأخبار والآثار، وأما هو فتولى قضاء طرسوس وكان يعظ الناس أيضا، فحصل له مرة خشوع فسقط مغشيا عليه فمات في هذه السنة
[ثم دخلت سنة ست وثلاثين وثلاثمائة]
فيها خرج معز الدولة والخليفة المطيع لله من بغداد إلى البصرة فاستنقذاها من يد أبى القاسم بن البريدي، وهرب هو وأكثر أصحابه، واستولى معز الدولة على البصرة وبعث يتهدد القرامطة ويتوعدهم بأخذ بلادهم، وزاد في إقطاع الخليفة ضياعا تعمل في كل سنة مائتي ألف دينار، ثم سار معز الدولة لتلقى أخيه عماد الدولة بالأهواز فقبل الأرض بين يدي أخيه وقام بين يديه مقاما طويلا فأمره بالجلوس فلم يفعل. ثم عاد إلى بغداد صحبة الخليفة فتمهدت الأمور جيدا. وفي هذه السنة استحوذ ركن الدولة على بلاد طبرستان وجرجان من يد وشمكير أخى مرداويج ملك الديلم، فذهب وشمكير إلى خراسان يستنجد بصاحبها كما سيأتي.
[وممن توفى فيها من الأعيان.]
[أبو الحسين بن المنادي]
أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن يزيد، سمع جده وعباسا الدوري ومحمد بن إسحاق الصاغاني.
وكان ثقة أمينا حجة صادقا، صنف كثيرا وجمع علوما جمة، ولم يسمع الناس منها إلا اليسير، وذلك لشراسة أخلاقه. وآخر من روى عنه محمد بن فارس اللغوي، ونقل ابن الجوزي عن أبى يوسف القدسي أنه قال: صنف أبو الحسين بن المنادي في علوم القرآن أربعمائة كتاب، ونيفا وأربعين كتابا ولا يوجد في كلامه حشو، بل هو نقى الكلام جمع بين الرواية والدراية. وقال ابن الجوزي: ومن وقف على مصنفاته علم فضله واطلاعه ووقف على فوائد لا توجد في غيره كتبه. توفى في محرم من هذه السنة عن ثمانين سنة.
[الصولي محمد بن عبد الله بن العباس]
ابن محمد بن صول أبو بكر الصولي، كان أحد العلماء بفنون الأدب وحسن المعرفة بأخبار الملوك، وأيام الخلفاء ومآثر الأشراف وطبقات الشعراء. روى عن أبى داود السجستاني والمبرد وثعلب وأبى العيناء وغيرهم. وكان واسع الرواية جيد الحفظ حاذقا بتصنيف الكتب. وله كتب كثيرة هائلة، ونادم جماعة من الخلفاء، وحظي عندهم، وكان جده صول وأهله ملوكا بجرجان، ثم كان أولاده من كبار الكتاب، وكان الصولي هذا جيد الاعتقاد حسن الطريقة، وله شعر حسن، وقد روى عنه الدار قطنى وغيره من الحفاظ ومن شعره قوله:
أحببت من أجله من كان يشبهه … وكل شيء من المعشوق معشوق