في ليلة سابعة كانت ليلة برد ورعد وبرق، فسقطت القبة الخضراء من قصر المنصور، وقد كانت هذه القبة تاج بغداد ومأثرة من مآثر بنى العباس عظيمة، بنيت أول ملكهم، وكان بين بنيانها وسقوطها مائة وسبعة وثمانون سنة. قال: وخرج عن الناس التشرينان والكانونان منها ولم يمطروا فيها بشيء سوى مطرة واحدة لم ينبل منها التراب، فغلت الأسعار ببغداد حتى بيع الكر بمائة وثلاثين دينارا.
ووقع الفناء في الناس حتى كان الجماعة يدفنون في القبر الواحد، من غير غسل ولا صلاة، وبيع العقار والإناث بأرخص الأسعار، حتى كان يشترى بالدرهم ما يساوى الدينار في غير تلك الأيام ورأت امرأة رسول الله ﷺ في منامها وهو يأمرها بخروج الناس إلى الصحراء لصلاة الاستسقاء، فأمر الخليفة بامتثال ذلك فصلى الناس واستسقوا فجاءت الأمطار فزادت الفرات شيئا لم ير مثله، وغرقت العباسية، ودخل الماء الشوارع ببغداد، فسقطت القنطرة العتيقة والجديدة، وقطعت الأكراد الطريق على قافلة من خراسان، فأخذوا منهم ما قيمته ثلاثة آلاف دينار، وكان أكثر ذلك من أموال بجكم التركي. وخرج الناس للحج ثم رجعوا من أثناء الطريق بسبب رجل من العلويين قد خرج بالمدينة النبويّة، ودعا إلى نفسه وخرج عن الطاعة.
[وفيها توفى من الأعيان]
[أحمد بن إبراهيم]
ابن تزمرد الفقيه أحد أصحاب ابن سريج. خرج من الحمام إلى خارجة فسقط عليه الحمام فمات من فوره
[بجكم التركي]
أمير الأمراء ببغداد، قبل بنى بويه. كان عاقلا يفهم بالعربية ولا يتكلم بها. يقول أخاف أن أخطئ والخطأ من الرئيس قبيح. وكان مع ذلك يحب العلم وأهله، وكان كثير الأموال والصدقات، ابتدأ يعمل مارستان ببغداد فلم يتم، فجدده عضد الدولة ابن بويه، وكان بجكم يقول: العدل ربح السلطان في الدنيا والآخرة. وكان يدفن أموالا كثيرة في الصحراء، فلما مات لم يدر أين هي، وكان ندماء الراضي قد التفوا على بجكم وهو بواسط، وكان قد ضمنها بثمانمائة ألف دينار من الخليفة، وكانوا يسامرونه كالخليفة، وكان لا يفهم أكثر ما يقولون، وراض له مزاجه الطيب سنان بن ثابت الصابي حتى لان خلقه وحسنت سيرته، وقلت سطوته، ولكن لم يعمر إلا قليلا بعد ذلك. ودخل عليه مرة رجل فوعظه فأبكاه فأمر له بمائة ألف درهم، فلحقه بها الرسول فقال بجكم لجلسائه: ما أظنه يقبلها ولا يريدها، وما يصنع هذا بالدنيا؟ هذا رجل مشغول بالعبادة، ماذا يصنع بالدراهم؟ فما كان بأسرع من أن رجع الغلام وليس معه شيء، فقال بجكم: قبلها؟ قال: نعم! فقال بجكم: كلنا صيادون ولكن الشباك مختلفة. توفى لسبع بقين من رجب من هذه السنة. وسبب موته أنه خرج يتصيد فلقى طائفة من الأكراد فاستهان بهم فقاتلوه فضربه رجل منهم فقتله. وكانت إمرته على بغداد سنتين وثمانية