وقد سمع الباقلاني الحديث من أبى بكر بن مالك القطيعي وأبى محمد بن ماسى وغيرهما، وقد قبله الدار قطنى يوما وقال: هذا يرد على أهل الأهواء باطلهم، ودعا له. وكانت وفاته يوم السبت لسبع بقين من ذي القعدة، ودفن بداره ثم نقل إلى مقبرة باب حرب.
[محمد بن موسى بن محمد]
أبو بكر الخوارزمي شيخ الحنفية وفقيههم، أخذ العلم عن أحمد بن على الرازيّ، وانتهت إليه رياسة الحنفية ببغداد، وكان معظما عند الملوك، ومن تلامذة الرضى والصيمري، وقد سمع الحديث من أبى بكر الشافعيّ وغيره، وكان ثقة دينا حسن الصلاة على طريقة السلف، ويقول في الاعتقاد: ديننا دين العجائز، لسنا من الكلام في شيء، وكان فصيحا حسن التدريس، دعي إلى ولاية القضاء غير مرة فلم يقبل، توفى ليلة الجمعة الثامن عشر من جمادى الأولى سنة ثلاث وأربعمائة، ودفن بداره من درب عبده.
[الحافظ أبو الحسن على بن محمد بن خلف]
العامري القابسي مصنف التلخيص، أصله قزويني وإنما غلب عليه القابسي لأن عمه كان يتعمم قابسية، فقيل لهم ذلك، وقد كان حافظا بارعا في علم الحديث، رجلا صالحا جليل القدر، ولما توفى في ربيع الآخر من هذه السنة عكف الناس على قبره ليالي يقرءون القرآن ويدعون له، وجاء الشعراء من كل أوب يرثون ويترحمون، ولما أجلس للمنظرة أنشد لغيره:
لعمر أبيك ما نسب المعلى … إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا اقشعرت … وصوح نبتها رعى الهشيم
ثم بكى وأبكى، وجعل يقول: أنا الهشيم أنا الهشيم. ﵀.
الحافظ بن الفرضيّ
أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر الأزدي الفرضيّ، قاضى بكنسية، سمع الكثير وجمع وصنف التاريخ، وفي المؤتلف والمختلف، ومشتبه النسبة وغير ذلك، وكان علامة زمانه، قتل شهيدا على يد البربر فسمعوه وهو جريح طريح يقرأ على نفسه الحديث الّذي في الصحيح «ما يكلم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي، اللون لون الدم، والريح ريح المسك». وقد كان سأل الله الشهادة عند أستار الكعبة فأعطاه إياها، ومن شعره قوله:
أسير الخطايا عند بابك واقف … على وجل مما به أنت عارف
يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيها … ويرجوك فيها وهو راج وخائف
ومن ذا الّذي يرجى سواك ويتقى … ومالك في فصل القضاء مخالف
فيا سيدي لا تخزني في صحيفتي … إذا نشرت يوم الحساب الصحائب
وكن مؤنسي في ظلمة القبر عند ما … يصد ذو والقربى ويجفو الموالف