للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ فَمَرَرْتُ بِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ عِنْدَ الْمَقَابِرِ فَوَقَفْتُ عِنْدَهُ فَرَفَعَ رَأَسَهُ وَقَالَ لِي مَاتَتْ ماتت أيش تعملين؟

فكان كما قَالَ. وَحَكَى لِي عَبْدُ اللَّهِ صَاحِبِي قَالَ صبحت يَوْمًا وَمَا كَانَ مَعِي شَيْءٌ فَاجْتَزْتُ بِهِ فَدَفَعَ إِلَيَّ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: يَكْفِي هَذَا للخبز والفت بدبس، وقال مر يَوْمًا عَلَى الْخَطِيبِ جَمَالِ الدِّينِ الدَّوْلَعِيِّ فَقَالَ لَهُ يَا شَيْخُ عَلِيُّ أَكَلْتُ الْيَوْمَ كُسَيْرَاتٍ يَابِسَةً وَشَرِبْتُ عَلَيْهَا الْمَاءَ فَكَفَتْنِي، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْكُرْدِيُّ وَمَا تَطْلُبُ نَفْسُكَ شَيْئًا آخَرَ غَيْرِ هَذَا؟ قَالَ لَا، فَقَالَ يَا مسلمين مَنْ يَقْنَعْ بِكَسْرَةٍ يَابِسَةٍ يَحْبِسْ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الْمَقْصُورَةِ وَلَا يَقْضِي مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَجِّ

الْفَخْرُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ

مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ، عالمها وَخَطِيبُهَا وَوَاعِظُهَا، اشْتَغَلَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَبَرَعَ فِيهِ وَبَرَزَ وَحَصَّلَ وَجَمَعَ تَفْسِيرًا حَافِلًا فِي مُجَلَّدَاتٍ كَثِيرَةٍ وَلَهُ الْخُطَبُ الْمَشْهُورَةُ الْمَنْسُوبَةُ إليه، وهم عَمُّ الشَّيْخِ مَجْدِ الدِّينِ صَاحِبِ الْمُنْتَقَى فِي الأحكام، قال أبو المظفر سبط ابن الْجَوْزِيِّ: سَمِعْتُهُ يَوْمَ جُمُعَةٍ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَهُوَ يعظ الناس ينشد:

أحبابنا قد ندرت مُقْلَتِي ... مَا تَلْتَقِي بِالنَّوْمِ أَوْ نَلْتَقِي

رِفْقًا بِقَلْبٍ مُغْرَمٍ وَاعْطِفُوا ... عَلَى سِقَامِ الْجَسَدِ الْمُحْرَقِ

كَمْ تَمْطُلُونِي بِلَيَالِي اللِّقَا ... قَدْ ذَهَبَ الْعُمْرُ وَلَمْ نَلْتَقِي

وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ حاجا بعد وفاة شيخه أبى الفرج ابن الجوزي ووعظ بها في مكان وعظه.

الوزير بن شُكْرٍ

صَفِيُّ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ شُكْرٍ، ولد بالديار المصرية بدميرة بين مصر واسكندرية سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ عِنْدَ مَدْرَسَتِهِ بِمِصْرَ، وَقَدْ وَزَرَ لِلْمَلِكِ الْعَادِلِ وَعَمِلَ أَشْيَاءَ فِي أَيَّامِهِ مِنْهَا تَبْلِيطُ جَامَعِ دِمَشْقَ وَأَحَاطَ سُورَ الْمُصَلَّى عَلَيْهِ، وَعَمِلَ الْفَوَّارَةَ وَمَسْجِدَهَا وَعِمَارَةَ جَامِعِ الْمِزَّةِ، وَقَدْ نُكِبَ وَعُزِلَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ وَبَقِيَ مَعْزُولًا إِلَى هَذِهِ السَّنَةِ فَكَانَتْ فِيهَا وَفَاتُهُ، وَقَدْ كَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ كَانَ ظَالِمًا فاللَّه أَعْلَمُ

[أبو إسحاق إبراهيم بن المظفر]

ابن إبراهيم بن على المعروف بابن البذي الْوَاعِظُ الْبَغْدَادِيُّ، أَخَذَ الْفَنَّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الفرج ابن الْجَوْزِيِّ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَمِنْ شِعْرِهِ قَوْلُهُ فِي الزُّهْدِ:

مَا هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ مَسَرَّةٍ ... فَتَخَوُّفِي مَكْرًا لَهَا وَخِدَاعَا

بَيْنَا الْفَتَى فِيهَا يُسَرُّ بِنَفْسِهِ ... وَبِمَالِهِ يَسْتَمْتِعُ اسْتِمْتَاعَا

حَتَّى سَقَتْهُ من المنية شربة ... وحمته فيه بَعْدَ ذَاكَ رَضَاعَا

<<  <  ج: ص:  >  >>