عبيدة معمر بن المثنى، وابن الأعرابي، والفراء والكسائي وغيرهم. وقال إسحاق بن راهويه: نحن نحتاج إليه وهو لا يحتاج إلينا. وقدم بغداد وسمع الناس منه ومن تصانيفه. وقال إبراهيم الحربي:
كان كأنه جبل نفخ فيه روح، يحسن كل شيء. وقال أحمد بن كامل القاضي: كان أبو عبيد فاضلا دينار بانيا عالما متقنا في أصناف علوم أهل الايمان والإتقان والإسلام: من القرآن والفقه والعربية والأحاديث، حسن الرواية صحيح النقل، لا أعلم أحدا طعن عليه في شيء من علمه وكتبه، وله كتاب الأموال وكتاب فضائل القرآن ومعانيه، وغير ذلك من الكتب المنتفع بها ﵀. توفى في هذه السنة قاله البخاري. وقيل في التي قبلها بمكة، وقيل بالمدينة. وله سبع وستون سنة. وقيل جاوز السبعين فالله أعلم.
ومحمد بن عثمان أبو الجماهر الدمشقيّ الكفرتوثي أحد مشايخ الحديث. ومحمد بن الفضل أبو النعمان السدوسي الملقب بعارم شيخ البخاري. ومحمد بن عيسى بن الطباع. ويزيد بن عبد ربه الجرجسى الحمصي شيخها في زمانه.
[ثم دخلت سنة خمس وعشرين ومائتين]
فيها دخل بغا الكبير ومعه منكجور قد أعطى الطاعة بالأمان. وفيها عزل المعتصم جعفر بن دينار عن نيابة اليمن وغضب عليه وولى اليمن ايتاخ. وفيها وجه عبد الله بن طاهر بالمازيار فدخل بغداد على بغل بإكاف فضربه المعتصم بين يديه أربعمائة وخمسين سوطا ثم سقى الماء حتى مات، وأمر بصلبه إلى جنب بابك، وأقر في ضربه أن الأفشين كان يكاتبه ويحسن له خلع الطاعة، فغضب المعتصم على الأفشين وأمر بسجنه، فبنى له مكان كالمنارة من دار الخلافة تسمى الكوة، إنما تسعة فقط، وذلك لما تحقق أنه يريد مخالفته والخروج عليه، وأنه قد عزم على الذهاب لبلاد الخزر ليستجيش بهم على المسلمين فعاجله الخليفة بالقبض عليه قبل ذلك كله، وعقد له المعتصم مجلسا فيه قاضيه أحمد ابن أبى دؤاد المعتزلي، ووزيره محمد بن عبد الملك بن الزيات، ونائبة إسحاق بن إبراهيم بن مصعب، فاتهم الأفشين في هذا المجلس بأشياء تدل على أنه باق على دين أجداده من الفرس. منها أنه غير مختتن فاعتذر أنه يخاف ألم ذلك، فقال له الوزير - وهو الّذي كان يناظره من بين القوم - فأنت تطاعن بالرماح في الحروب ولا تخاف من طعنها وتخاف من قطع قلفة ببدنك؟ ومنها أنه ضرب رجلين إماما ومؤذنا كل واحد ألف سوط لأنهما هدما بيت أصنام فاتخذاه مسجدا. ومنها أنه عنده كتاب كليله ودمنه مصورا فيه الكفر وهو محلى بالجواهر والذهب، فاعتذر أنه ورثه من آبائهم. واتهم بأن الأعاجم يكاتبونه وتكتب إليه في كتبها: أنت إله الآلهة من العبيد، وأنه يقرهم على ذلك. فجعل يعتذر بأنه أجراهم على ما كانوا يكاتبون به أباه وأجداده، وخاف أن يأمرهم بترك ذلك فيتضع عندهم.